للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمكن الجمع لم يجز الحكم بالنسخ، ومعلوم أن كلاً منهما ينفع حيث لا ينفع الآخر، وأن استعمالهما جميعاً أبلغ في إظهار الهدى ودين الحق". (١)

ويستدل شيخ الإسلام لقوله بإحكام آيات الجدال بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومحاجته للمشركين قبل نزول آية السيف وبعدها " وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحاج الكفار بعد نزول الأمر بالقتال، وقد أمره الله تعالى أن يجير المستجير حتى يسمع كلام الله، ثم يبلغه مأمنه، والمراد بذلك تبليغ رسالات الله وإقامة الحجة عليه، وذلك قد لا يتم إلا بتفسيره له، الذي تقوم به الحجة، ويجاب به عن المعارضة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، علم بطلان قول من ظن أن الأمر بالجهاد ناسخٌ الأمر بالمجادلة مطلقاً ". (٢)

وأيضاً فإن ابن حزم يرى آيات الجدال محكمة، بل يعتبرها نوعاً من الجهاد المأمور به: "وأما مجاهدة الكفار باللسان فما زال مشروعاً من أول الأمر إلى آخره، فإنه إذا شرع جهادهم باليد، فباللسان أولى، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم)) ". (٣)

ويستدل لرأيه أيضاً بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان ينصب لحسان منبراً في مسجده يجاهد فيه المشركين بلسانه جهاد هجو، وهذا كان بعد نزول آيات القتال". (٤)

وهذا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفاته، وعليه سار أصحابه من بعده، فإن "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزل في جدال الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم إلى أن توفي، وكذلك أصحابه من بعده، وقد أمره سبحانه بجدالهم بالتي هي أحسن في السور المكية والمدنية .. وبهذا قام الدين، وإنما جعل السيف ناصراً للحجة". (٥)


(١) الجواب الصحيح (١/ ٢١٨ - ٢١٩).
(٢) الجواب الصحيح (١/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٣) الجواب الصحيح (١/ ٢٣٨).
(٤) الجواب الصحيح (١/ ٢٣٨).
(٥) زاد المعاد (٣/ ٦٤٢).

<<  <   >  >>