للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان رحمه الله يريد أن يعوِّد نفسه على الإيثار, والبعد عن حب المال الذي يعد من الصفات القبيحة.

كم رأينا من جمع المال ولم يتمتع به فأبقاه لغيره وأفنى نفسه كما قال الشاعر:

كدودة القز ما تبنيه يهدمها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

لما رأي المتيقِّظون سطوة الدنيا بأهلها, وخداع الأمل لأربابه, وتملك الشيطان, وقياد النفوس, ورأوا الدولة للنفس الأمارة, لجئوا إلى حصن التضرع والالتجاء كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده (١).

أخي المسلم:

ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين:

إحداهما: سوء ظنه بربه, وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيراً منه حلالاً.

والثانية: أن يكون عالماً بذلك, وأن من ترك شيئاً أعاضه خيراً منه, ولكن تغلب شهوته صبره, وهواه عقله. فالأول من ضعف علمه, والثاني من ضعف عقله وبصيرته.

قال يحيى بن معاذ: من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده.

قلت: إذا اجتمع عليه قلبُه, وصدقت ضرورته وفاقته, وقوي


(١) الفوائد ص ٦٢.

<<  <   >  >>