[فوائد المال]
فوائد المال تنقسم إلى دنيوية ودينية: أما الدنيوية, فالخلق يعرفونها, ولذلك تهالكوا في طلبها. وأما الدينية فتنحصر في ثلاثة أنواع:
أحدها: أن ينفقه على نفسه, إما في عبادة, كالحج والجهاد, وإما في الاستعانة على العبادة, كالمطعم, والملبس, والمسكن, وغيرها من ضرورات المعيشة, فإن هذه الحاجات إذا لم تتيسر, لم يتفرغ القلب للدين والعبادة, وما لا يتوصل إلى العبادة إلا به, فهو عبادة, فأخذ الكفاية من الدنيا للاستعانة على الدين من الفوائد الدينية, لا يدخل في هذا التوسع والزيادة على الحاجة, فإن ذلك من حظوظ الدنيا.
النوع الثاني: ما يصرفه إلى الناس, وهو أربعة أقسام:
أحدها: الصدقة وفضائلها كثيرة مشهورة.
القسم الثاني: المروءة, نعني بها صرف المال إلى الأغنياء والأشراف في ضيافة وهدية, وإعانة ونحو ذلك, وهذا من الفوائد الدينية, إذ به يكتسب العبد الإخوان والأصدقاء.
القسم الثالث: وقاية العرض نحو بذل المال لدفع هجو الشعراء, وثلب السفهاء, وقطع ألسنتهم, وكف شرهم, فهو من الفوائد الدينية, فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة" وهذا لأنه يمنع العتاب من معصية الغيبة, ويحرز مما يثير كلامه من العداوة التي تحمل في الانتقام على مجاوزة حدود