للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبا بكر في هذه الساعة؟ قال: إنها ساعة غفلة (١).

وقال مالك بن دينار: اتخذْ طاعةَ الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة (٢).

أخي المسلم:

فَرِّغْ خاطرك للهمِّ بما أُمرتَ به, ولا تشغله بما ضُمن لك, فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان. فما دام الأجل باقياً, كان الرزق آتياً. وإذا سد عليك بحكمته طريقاً من طرقه, فتح لك برحمته طريقاً أنفع لك منه. فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه, وهو الدم, من طريق واحدة وهو السرة, فلما خرج من بطن الأم وانقطعت تلك الطريق فتح له طريقين اثنين, وأجرى له فيهما رزقاً أطيب وألذ من الأول لبناً خالصاً سائغاً. فإذا تمت مدة الرضاع, وانقطعت الطريقان بالفطام, فتح طرقاً أربعة أكمل منها: طعامان وشرابان, فالطعامان من الحيوان والنبات, والشاربان من المياه والألبان, وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ. فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة لكنه -سبحانه - فتح له- إن كان سعيداً - طرقاً ثمانية, وهى أبواب الجنة الثمانية, يدخل من أيها شاء.

فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا, إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له. وليس ذلك لغير المؤمن. فإنه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس, ولا يرضى له به؛ ليعطيه الحظ الأعلى النفيس.


(١) صفة الصفوة ٣/ ٢٤٥.
(٢) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص ٢٧.

<<  <   >  >>