للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله -عز وجل-، إنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته».

وإذا انسد عنه باب كان ينتظر الرزق منه، فلا ينبغي أن يضطرب قلبه، فإن في الحديث: «أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب».

الثالث: أن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الطمع والحرص من الذل.

وليس في القناعة إلا الصبر عن المشتهيات والفضول، مع ما يحصل له من ثواب الآخرة، ومن لم يؤثر عز نفسه عن شهوته، فهو ركيك العقل، ناقص الإيمان.

الرابع: أن يكثر تفكره في تنعم اليهود والنصارى وإرذال الناس، والحمقى منهم، ثم ينظر إلى أحوال الأنبياء والصالحين، ويسمع أحاديثهم ويطالع أحوالهم، ويخير عقله بين مشابهة أرذال العالمين، أو صفوة الخلق عند الله -تعالى- حتى يهون عليه الصبر على القليل، والقناعة باليسير، وأنه إن تنعم بالأكل فالبهيمة أكثر أكلاً منه، وإن تنعم بالوطء فالعصفور أكثر سفادًا منه.

الخامس: أن يفهم ما في المال من الخطر، كما ذكرنا في آفات المال، وينظر إلى ثواب الفقر، ويتم ذلك بأن ينظر أبدًا إلى من دونه في الدنيا، وإلى من فوقه في الدين، كما جاء في الحديث من رواية مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله

<<  <   >  >>