للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[توطئة]

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فمن المعلوم أنّ مدينة السلام (بغداد) كان لها الدور الأكبر في نشر العلوم والثقافة في العالم، قال الخطيب البغدادي وهو يصف أقاليم الأرض،"العراق سرة الدنيا .. وفيه بغداد صفوة الأرض ووسطها" (١).

وروى الخطيب بسنده عن يونس بن عبد الأعلى، قال: قال لي محمد بن إدريس: يا يونس دخلت بغداد؟ قلت: لا. قال: يا يونس ما رأيت الدنيا، ولا رأيت الناس." (٢).

وقد برع فيها أهل اللغة، والأدب، والفقه، والسياسة، والرياضيات، والفلك، والطب، الخ ....

ونال فيها علم الحديث النبوي -رواية ودراية- الحظ الأفر، فظهر فيها علماء أفذاذ، حفظة ونقدة، حفظوا سنة نبيهم من الدخلة والمنتحلين والباطنيين، فغربلوا الرويات، وميزوا الصحيح من السقيم، فكان الناس عيال على أهل العراق عامة في التفتيش عن الأسانيد والتنقيب عن الرواة، وقد نصَّ يحيى القطان أنّ عامر الشعبي الكوفي ت (١٠٣هـ) هو أوّل من فتش عن الرجال (٣).وكذا الإمام محمد بن سيرين البصري ت (١١٠هـ)،وشعبة بن الحجاج الواسطي ت (١٦٠هـ) (٤)، وسفيان الثوري الكوفي ت (١٦١هـ)،ويحيى بن سعيد القطان البصري ت (١٩٨هـ)،وعبد الله بن المبارك البصري ت (١٩٨هـ)، وعلى بن المديني الكوفي ت (٢٣٤هـ)،ودرّة العراق محمد بن عبد الله بن نمير (٢٣٤هـ).

أما البغاددة: فمن أجلتهم: أحمد بن نصر الخزاعي البغدادي، المصلوب ت (٢٣١هـ)،ويحيى بن معين البغدادي ت (٢٣٣هـ)،وأحمد بن حنبل البغدادي (٢٤١هـ)، وأحمد بن منصور الرمادي البغدادي ت (٢٦٥هـ)،وصالح بن محمد (جزرة) البغدادي ت (٢٩٣هـ) وعباس بن محمد الدوري البغدادي


(١) تاريخ بغداد ١/ ٣٢٠ بتصرف يسير.
(٢) تاريخ بغداد ١/ ٣٤٧.ونقل مثله عن شعبة ١/ ٣٤٦.
(٣) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص١٧٢.
(٤) قال ابن حبان في الثقات ٦/ ٤٤٦:" هو أوّل من فتش بالعراق عن أمر المحدثين وجانب الضعفاء والمتروكين حتى صار علما يقتدى به ثم تبعه عليه بعده أهل العراق". وأصل القول هو لصالح جزرة ينظر مقدمة ابن الصلاح ص٣٣٨.

<<  <   >  >>