تختلف في اتجاهاتها عما كان عليه القانون الروماني في عصور المسيحية الأولى إلا بالقدر الذي اقتضاه التطور الطبيعي للعادات والتقاليد.
ولعل كل الذي ترتب على الفصل بين الدين والدولة لا يخرج عن نتيجتين:
الأولى: حرمان رجال الكنيسة من أن يكون لهم سلطان دنيوي لحماية سلطانهم الديني، فقد كانوا يرون أن قيامهم على الدين يقتضي أن يكون لهم من سلطان الحكم ما يمكنهم من أداء وظيفتهم.
الثانية: إعلان الحرية الدينية. فقد كان رجال الكنيسة يُكْرِهُونَ الناس على عقيدة معينة، فلما ذهب سلطانهم، تُرِكَ للناس أن يعتقدوا ما يشاؤون.
وحدوث هاتين النتيجتين ليس فيه فصل حقيقي بين الدين والدولة، لأن قيام الدولة على الدين لا يقتضي أن يكون لرجال الدين أي سلطان خاص ولا يقتضي حمل الناس على عقيدة معينة، وأفضل مَثَلٍ لذلك هو الإسلام. فالإسلام يوجب أن تقوم الدولة على أساس الدين الإسلامي، ويوجب أن يكون الحكم والسياسة والإدارة والتشريع، وكل ما له أثر في حياة الأمة مُسْتَمَدًّا من الدين الإسلامي وقائمًا عليه، وبالرغم من ذلك فإن الإسلام لا يعطي علماء الإسلام وفقهاءه أي سلطان، ولا يميزهم من هذه الوجهة عن أي فرد عادي، كما أن الإسلام يحمي كل الحماية حرية التدين، وَيُحَرِّمُ أَنْ يُكْرَهَ شَخْصٌ على عقيدة معينة، أو دين معين، وذلك قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ