التي تُصَوِّرُ عبد الله بن عمرو يُعْنَى بصحيفته الصادقة عناية خاصة، وَيُعْنَى - بتعبير أدق - بكتابة ما كان يسمعه من الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، فقد ثبتت هذه الفكرة في عدد من المصادر الموثوقة» وقد أشار إليها.
ومن ذلك أنه عندما تكلم عن صحيفة همام بن منبه (١١٣)، ذكر تعليقة في الحاشية تفيد أن بروكلمان قد وهم في كتابه Geschischte des Arab ونسب الصحيفة إلى همام بن منده المُتَوَفَّى سَنَةَ ١٥١ للهجرة، ولم يصحح ذلك في الطبعة الثانية ولا في الذيل.
فهذا كله يدلل على المتابعة العلمية الدقيقة، والمنهج العلمي الرصين الذي كان يزين شخصية الدكتور صُبْحِي الصَّالِحْ العلمية - رَحِمَهُ اللهُ -.
والذي يمكن أن نخلص إليه من نتيجة هو أن عالِمنا - رَحِمَهُ اللهُ - كان بحق موسوعة علمية، وكان يتحلى بمناقبية عالية في تحقيق النصوص والبحث العلمي الدقيق. وكان إلى هذا قارئاً جيداً، حباه الله تعالى بذهن وقاد، ونظر ثاقب، مما أهله أن يكون من جملة الذين ساهموا مساهمة فعالة في إرساء دعائم البحث الأكاديمي العلمي الحديث في الدراسات الإسلامية والعربية.
كما أَهَّلَهُ اطلاعه الواسع على تراث المستشرقين، وبخاصة أنه كان يتقن اللغة الفرنسية اتقانا جيداً، للتصدي إليهم في محاولاتهم بث (ضلالهم العلمي) المتعلق بتاريخنا وتراثنا.
وقد وجدناه في كتابه " علوم الحديث " فقط يتعقب أساطينهم في مواضع كثيرة، منها:
- (ص ٤٩) عندما تكلم عن الرحلة في طلب الحديث، وكيف أنها كانت من مفاخر المحدثين، حتى إن المستشرقين لم يجدوا بُدًّا من الاعتراف بذلك. فكان مما قاله: «وإن المستشرق جولدتسيهر Goldziher، على ولوعه بإنكار أخبار القوم، لا يفوته أن يعترف بأن " الرحالين الذين يقولون إنهم طافوا الشرق والغرب أربع مرات، ليسوا - في نظره - مُبْعِدين ولا مغالين "».