للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الدعوة إلى الخير.

الدليل الثامن: على فرض وجود مبرر لإباحة هذه الأصوات فالقاعدة أنه (إذا اجتمع مُبيح وحاظر غلب جانب الحظر).

ويناقش: بعدم التسليم بوجود الحاظر فإن الأصل الإباحة وما استُدِلَ به على الحظر غير مسلّم به.

الدليل التاسع: أن مجرد مشابهة الزمر والمعازف مذموم ولو لم يكن بآلات كما روى البخاري عنْ عَائًّشةَ قالَتْ دَخَلَ علَيَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعِنْدِي جارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فاضْطَجَعَ عَلى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ ودخَلَ أبُو بَكْرٍ فانْتَهَرَنِي وقال مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأقْبَلَ علَيْهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فخَرَجَتَا.

قال العيني في شرحه:

وقال المهلب: الذي أنكره أبو بكر كثرة التنغيم وإخراج الإنشاد من وجهه إلى معنى التطريب بالألحان، ألاَ ترى أنه لم ينكر الإنشاد، وإنما أنكر مشابهة الزمر بما كان في المعتاد الذي فيه اختلاف النغمات وطلب الإطراب، فهو الذي يخشى منه، وقطع الذريعة فيه أحسن.

ويناقش: بأن إقرار النبي صلى لله عليه وسلم يدل على جواز فعل الجاريتين، فكيف يستدل بإنكار أبي بكر، ولا يستدل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل العاشر: أن هذه صوت تلك الإيقاعات ونحوها نظير الصوت الصادر من المعازف، والمعازف من الباطل والإجماع منعقد على أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل، قال ابن القيم نقلاً عن المزني: (وأجمعوا بأن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل).

ويناقش: بأن نظير الشيء مثيله، إلا أنه بين هذه الأصوات وبين المعازف فرقاً من جهة الصوت - غالباً- ومن جهة المصدر فلا يصح أن تكون نظيرة لها.

ورُدَّ: بأن الفارق المذكور غير مؤثر في الحكم فلا يخرجها عن كونها نظائر.

الدليل الحادي عشر: أن القول بجواز هذه الأصوات ذريعة لاستماع الموسيقى المحرمة، فإن عامة الناس وغير المتخصصين لا يميزون بين هذه الأصوات وبين الموسيقى المحضة، فقد يستمع الإنسان للموسيقى يظنها من هذه الأصوات.

فلو قلنا بجواز هذه الأصوات: فهل يكون سماع الصوت الموسيقي الذي لا يُعلم مصدره مباحاً أم محرماً؟

إن قيل: مباح أفضى إلى جواز الموسيقى حتى يعلم أن مصدرها الآلات المخصوصة، فينتهي الأمر إلى سماع الموسيقى إلا للمتخصص الذي له قدرة على تمييز الأصوات.

ثم إن هذا سيفتح الباب لتجار الفن والموسيقى في ترويج أنواع الموسيقى زاعمين أنها أصوات بشرية، فما الضابط؟ أم سيُشترط أن يشهد مسلمين عدلين من أهل الاختصاص أنها أصوات غير موسيقية؟!

<<  <   >  >>