للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التنازع فيه.

وفي الحديث الذي ذكرناه أخيرًا ما يدل على ذلك، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا فليس معناه - كما هو معلوم - الإمساك عن ذكر فضائل الصحابة وجهادهم، إنما معناه الإمساك عن ذكرهم بالباطل، وكذلك يقال في القدر.

أما ما يؤثر عن بعض العلماء من أن القدر سر الله في خلقه، فهذا صحيح يجب إدراكه لكل من يبحث في القدر، لكن هذا محصور في الجانب الخفي التفصيلي من القدر، ألا وهو كونه سبحانه وتعالى أضل وهدى، وأمات وأحيا، ومنع وأعطى، وقسم ذلك بين عباده بقدرته ومشيئته النافذة، فمحاولة معرفة سر الله في ذلك لا تجوز؛ لأن الله حجب علمها حتى عن أقرب المقربين، أما جوانب القدر الأخرى وحِكَمُه العظيمة ومراتبه ودرجاته وآثاره، فهذا مما يجوز الخوض فيه، وبيان الحق للناس فيه، بل بيانه مما يندب إليه، وينبغي شرحه وإيضاحه للناس؛ إذ الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان التي ينبغي تعلمها ومعرفتها.

- المستقبل بالنسبة للعبد أُنُف وإن كان بالنسبة لله عز وجل قد سبق به علمه

وجرى به قلمه , والله يختص برحمته وفضله من يشاء ولا يمنع ما هو للعبد.

- الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في

التأثير.

- الإنسان مخيَر باعتبار ومسيَر باعتبار فهو مخيَر باعتبار أن له قدرة ومشيئة

واختياراً ومسيَر باعتبار أنه في جميع أفعاله داخل في القدر راجع إليه ولكونه لا يخرج عمَا قدره الله له.

- لا يُحتج بالقدر على الشرع.

- محل جواز الاحتجاج بالقدر:

الاحتجاج بالقدر على وجه الإيمان به والتوحيد والتوكل على الله والنظر إلى سبق قضائه وقدره فهو محمود مأمورٌ به وكذلك الاحتجاج به على نعم الله الدينية والدنيوية , وكذلك إذا فعل ما يقدر عليه من الأسباب النافعة في دينه ودنياه ثم لم يحصل له مُراده بعد اجتهاده فإنه إذا اطمأن في هذه الحال إلى قضاء الله وقدره كان محموداً وكذلك إذا احتج بعد التوبة من الذنب ومغفرة الله وأيضاً يجوز الاحتجاج بالقدر والعذر به في أخطاء الخلق في حق العبد الخاص.

- حكم الاحتجاج بالقدر على الذنوب وظلم العباد فيما بينهم:

إن اعتذار المذنبين والظالمين واحتجاجهم بالقدر يُنافي التوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي، ويعتبر خللاً في العقيدة، وينقل العبد من دائرة الإسلام إلى دائرة الشرك والكفر، ويؤدي إلى فساد عقيدة الولاء والبراء إلا أن هناك جانب من الاعتذار لا بأس أن يقوم به الإنسان، وهذا الاعتذار هو ما كان في حق العبد الخاص، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعذر في حقه، فإذا كان الخطأ في حقك أنت أيها المسلم، فإن من السنة أن تعذر أخاك المسلم في حقك، فقد قال أنس رضي الله عنه: (خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي

<<  <   >  >>