للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجل) - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ - كما يأتي قولُ مَنْ قال بذلك في قولِه: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: آية ١٥] مَنْ هو الذي يكونُ أشدَّ منا قوةً حتى يقهرنا؟ ثم إن اللَّهَ بَيَّنَ أن اللَّهَ الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوةً. وَلَمَّا أرسلَ عليهم الريحَ العقيمَ علموا أنهم ضعافٌ غايةَ الضعفِ إذا جاءتهم قوةُ رَبِّ العالمين التي يهلكهم بها ويسلطها عليهم، وهذا معنَى قولِه: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً}.

{فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} ذكَّرهم نبيُّ اللهِ هودٌ عليه وعلى نبينا الصلاةُ والسلامُ، أمرهم أن يذكروا آلاءَ اللهِ. وآلَاءُ اللهِ: نِعَمُهُ المتواترةُ عليهم، من الصحةِ والعافيةِ وقوةِ الأبدانِ، وما يَسَّرَ لهم من الأرزاقِ والرفاهيةِ في الدنيا. والآلاءُ: النِّعَمُ، واحدُه (إِلى) بكسرِ الهمزةِ وفتحِ اللامِ مقصورًا، كَعِنَبٍ وَأَعْنَابٍ. ويقال فيه: (إِلْيٌ) و (ألْوٌ) و (ألآء) وأكثرُها في مفردِ الآلاءِ: (إِلىَ) بكسرٍ فَفَتْحٍ (١)، والمرادُ به النعمةُ. والآلاءُ: النِّعَمُ {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} أي: تَذَكَّرُوا نِعَمَ اللهِ الكثيرةَ التي لا تُحْصَى، التي أَنْعَمَهَا عليكم ذِكْرًا يحملكم على طاعةِ اللهِ، وتصديقِ رسولِه، وعبادتِه وحدَه، وتركِ عبادةِ الأصنامِ.

{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والآيةُ تدلُّ على أن مَنْ تَذَكَّرَ نِعَمَ اللهِ عليه ذِكْرًا يحملُه على شكر تلك النعمةِ والخضوعِ لله والإنابةِ إليه بطاعتِه أنه يُفْلِحُ؛ ولذا رَتَّبَ على قولِه: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} قال: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فإنكم إن ذَكَرْتُمْ آلاءَ اللهِ يُرْجَى لكم الفلاحُ، بناءً على أن (لعل) على بابِها من التَّرَجِّي بحسبِ ما يظهرُ لهودٍ (عليه الصلاةُ


(١) انظر: ابن جرير (١٢/ ٥٠٦)، القرطبي (٧/ ٢٣٧)، الدر المصون (٥/ ٣٦٠)، تفسير المشكل من غريب القرآن ص٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>