للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعرب تقول: أَلْحَد يُلحِدُ، ولَحَدَ يَلْحَدُ. إذا مال عن الحق، أصل (اللَّحد) في لغة العرب والإلحاد: الميل عن القصد والجور عنه، ومنه اللحد في القبر؛ لأنه حفر أُميل به عن وضعه الأول إلى جهة القبلة ولم يكن على سمت الحفر الأول.

وقرأ هذا الحرف عامة القراء السبعة غير حمزة: {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} وقرأه حمزة من السبعة: {وذروا الذين يَلْحَدُون في أسمائه} بفتح الياء والحاء. وهما قراءتان صحيحتان (١)، ولغتان عربيتان فصيحتان.

ومعنى إلحادهم بالأسماء (٢): قال بعض العلماء: يلحدون فيها: يميلون فيها عن الحق، كاشتقاقهم اللات من اسم الله، واشتقاقهم العُزى من اسم العزيز، واشتقاقهم مناة من اسم المنان. وقال بعض العلماء: إلحادهم في أسماء الله: إنكارها، ومن أمثلة ذلك أن الله يقول: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤)} [الصافات: آية ٤] وهم يلحدون في اسمه الواحد، ويقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} [ص: آية ٥] وهذا من أعظم الإلحاد وأكبره.

وقوله: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} سيجزيهم الله يوم القيامة جزاء ما كانوا يعملونه في الدنيا، ويدخل في ذلك دخولاً أوليًّا إلحادهم في أسمائه (جل وعلا). وهذا معنى قوله: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}. وقوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)}


(١) انظر: المبسوط لابن مهران ص٢١٦.
(٢) في هذه المسألة انظر: بدائع الفوائد (١/ ١٦١ - ١٧٠)، القواعد المثلى ص١٦، المنهاج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (١/ ٥٥)، النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى (١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>