للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكالَ، تُسْتَعْمَلُ مادتُه رباعيةً وثلاثيةً، تقولُ: «أَجْرَمَ»، كقولِه: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [المطففين: آية ٢٩] وتقول: «جَرَمَ الذَّنْبُ، فَهُوَ جَارِمٌ» ففاعلُ الثلاثيةِ: (جارم) على القياسِ، وفاعلُ الرباعيةِ (مجرمٌ) على القياسِ، ومن إطلاقِه ثلاثيًّا قولً الشاعرِ (١):

ونَنْصُرُ مَوْلَانَا وَنَعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا النَّاسِ مَجْرومٌ عَلَيْهِ وَجَارِمُ

لأن (المجرومَ) و (الجارمَ) اسمُ مفعولٍ، واسمُ فاعلٍ لجرم الثلاثيةِ إذا ارتكبَ الجريمةَ (٢).

وقولُه هنا: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} أي: ولتظهر طريقُ المجرمين، وعلى قراءةِ نافعٍ: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ} لتستبينَ يا نَبِيَّ اللَّهِ طريقَ المجرمين وَتَتَبَيَّنَهَا وتعلمها. والنبيُّ وإن كان عَالِمًا بسبيلِ المجرمين فإنه يُشَرَّعُ على لسانِه لأُمَّتِهِ، فَيُخَاطَبُ ليشرعَ على لسانِه لأُمَّتِهِ كما بَيَّنَّا (٣).

وفي هذه الآيةِ الكريمةِ سؤالانِ معروفانِ:

أحدُهما: في الواوِ، واوِ {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} علامَ عُطِفَ، وَبِمَ يَتَعَلَّقُ (٤)؟

الثاني: لِمَ خَصَّ سبيلَ المجرمين، ولم يَذْكُرْ سبيلَ المؤمنين (٥)؟


(١) البيت لعمرو بن براقة. وهو في الأمالي (٢/ ١٢٢).
(٢) انظر: اللسان (مادة: جرم) (١/ ٤٤٥)، المصباح المنير (مادة: جرم) ص ٣٨.
(٣) انظر: القرطبي (٦/ ٤٣٧)، البحر المحيط (٤/ ١٤١) وانظر: ما سيأتي عند تفسير الآية (٩٠) من هذه السورة.
(٤) المصدران السابقان، الدر المصون (٤/ ٦٥٦).
(٥) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>