للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَوَهَّمُوا أنها مجرورةٌ من جوازِ دخولِ الباءِ عليها، فَعُطِفَ عليها بالجرِّ، ونظيرُه قولُ الآخَرِ (١):

مَشَائيِمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً وَلَا نَاعِبٍ إِلَاّ بِبَيْنٍ غُرَابُهَا

فعطفَ (ناعب) بالجرِّ على (مصلحين) وهو منصوبٌ لِتَوَهُّمِ دخولِ الباءِ.

وقولُه جل وعلا: {نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ} أي: نَهَانِي رَبِّي عن عبادةِ الأوثانِ والأصنامِ والمعبوداتِ التي تَعْبُدُونَهَا من دونِ اللَّهِ؛ لأَنَّ اللَّهَ يقولُ لنبيه في هذا المنوالِ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أي بَلِ اللَّهَ وحدَه {فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: الآيتان ٦٥، ٦٦]. هذا معنى قولِه: {إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ} أي: تعبدونَ من دونِ الله (جل وعلا) من جميعِ أنواعِ العباداتِ، قُلْ لهم يا نَبِيَّ اللَّهِ: {لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ} الأهواءُ: جمعُ (هَوًى)، بِفَتْحَتَيْنِ، و (الهوى): مَيْلُ النفسِ، وأكثرُ ما يُطْلَقُ في الشرعِ: إلى مَيْلِهَا إلى ما [لا] (٢) ينبغي (٣). و (الهوى): هو مَيْلُ النفسِ إلى ما لا ينبغي هنا. فـ {أَهْوَاءَكُمْ} يعني: مهوياتكم التي تميلُ إليها نفوسُكم باتباعِ الهوى والباطلِ، كما قال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:


(١) مضى عند تفسير الآية (٦٧) من سورة البقرة.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) انظر: المفردات (مادة: هوى) ص٨٤٩، المصباح المنير (مادة: هوى) ص٢٤٦، جامع العلوم والحكم (٢/ ٤٣٨)، الدر المصون (٤/ ٤٩٩)، الكليات ص٩٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>