للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَنْ لَيْسَ عِدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ ... إِذَا رَجَفَ الْعِضَاهُ (١) مِنَ الدَّبُورِ (٢)

يعني أن القتلى التي قَتَلَهَا بكليب من بني بكرِ بنِ وائلٍ لا تُماثِلُهُ في الشرفِ ولا تُسَاوِيهِ، وإنما كَسَرَ العينَ لأنهم من جنسٍ واحدٍ. وهذا معنى قوله: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}.

{وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} أصلُ النصرِ في لغةِ العربِ إعانةُ المظلومِ. ومعنى هنا {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: ليس لهم مُعِينٌ يَدْفَعُ عنهم عذابَ اللَّهِ.

وفي هذه الآيةِ الكريمةِ سؤالٌ عربيٌّ معروفٌ، وهو أن يقولَ طالبُ العلمِ: أَفْرَدَ الضميرَ في قولِه: {وَلَا يُقْبَلُ منهَا} {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا} أَفْرَدَهُ مؤنثًا، وَجَمَعَهُ مُذَكَّرًا في قولِه: {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} مع أن مَرْجِعَ هذه الضمائرِ واحدٌ؟ (٣).

الجوابُ ظاهرٌ، لأن قولَه: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} نكرةٌ في سياقِ النفيِ، والنكرةُ في سياقِ النفيِ تَعُمُّ (٤)، وعمُومُها يجعلُها شاملةً لكثيرٍ من أَفْرَادِ النفوسِ، فَأَنَّثَ الضميرَ وَأَفْرَدَهُ في قولِه: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا} {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا} نَظَرًا إلى لفظِ النفسِ، وَجَمَعَ الضميرَ المذكرَ في قولِه: {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} نظرًا إلى معنَى النكرةِ في


(١) العِضاه من الشجر: كل شجر له شوك، وقيل: ما عظُم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه، وقيل غير ذلك، انظر: اللسان (مادة: عضه) (٢/ ٨٠٨).
(٢) هي ريح تهب من جهة الغرب تقابل الصَّبا. ويقال: تُقبل من جهة الجنوب ذاهبة نحو المشرق. انظر: المصباح المنير (مادة: دبر) ص٧٢
(٣) انظر: البحر المحيط (١/ ١٩١).
(٤) انظر: البحر المحيط في أصول الفقه (٣/ ١١٠، ١١٨)، شرح الكوكب المنير (٣/ ١٣٦)، أضواء البيان (٥/ ٣٦٢)، (٦/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>