للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب النكاح]

ــ

[باب النكاح]

هذا هو الربع الثالث من الفقه.

وإنما قدموا العبادات لأنها أهم، ثم المعاملات لأن الاحتياج إليها أهم، ثم ذكروا الفرائض في أول النصف الثاني للإشارة إلى أنها نصف العلم، ثم النكاح لأنه إذا تمت شهوة البطن يحتاج لشهوة الفرج، ثم الجنايات لأن الغالب أن الجناية تحصل بعد استيفاء شهوتي البطن والفرج، ثم الأقضية والشهادات لأن الإنسان إذا وقعت منه الجنايات رفعوه للقاضي واحتاجوا للشهادة عليه، ثم ختموا بالعتق رجاء أن يختم الله لهم بالعتق من النار.

والنكاح من الشرائع القديمة، فإنه شرع من لدن آدم عليه السلام واستمر حتى في الجنة، فإنه يجوز للإنسان النكاح في الجنة، ولو لمحارمه، ما عدا الأصول والفروع، فلا ينكح أمه ولا بنته فيها.

قال الأطباء: ومقاصد النكاح ثلاثة: حفظ النسل، وإخراج الماء الذي يضر احتباسه بالبدن، ونيل اللذة.

وهذه الثالثة هي التي تبقى في الجنة، إذ لا تناسل هناك ولا احتباس، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع، فمن الأول قوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * (١) وقوله تعالى: * (وأنكحوا الأيامى منكم) *.

(٢) ومن الثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أحب فطرتي فليستسن بسنتي، ومن سنتي النكاح وفي رواية: فمن رغب عن سنتي فمات قبل أن يتزوج صرفت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة

وقال - صلى الله عليه وسلم -: من ترك التزويج مخافة العالة (٣) فليس مني وأخرج الإمام أحمد ومسلم عن ابن عمر: الدنيا كلها متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة وابن ماجة عن أبي أمامة: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله والطبراني عن ابن مسعود تزوجوا الأبكار، فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما، وأرضى باليسر والبيهقي عن أبي سعيد وابن عباس رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه، وإذا بلغ فليزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما فإنما إثمه على أبيه وروي أنه: دخل رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له عكاف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - يا عكاف ألك زوجة؟ قال: لا، قال ولا جارية؟ قال ولا جارية.

قال وأنت بخير موسر؟ قال وأنا بخير موسر.

قال أنت من إخوان الشياطين.

لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم.

إن من سنتي النكاح: شراركم عزابكم، أراذل أمواتكم عزابكم رواه الإمام أحمد في مسنده.

وقد نظم ابن العماد هذا المعنى في قوله: شراركم عزابكم جاء الخبرأراذل الأموات عزاب البشر وفي المجالس السنية للفشني ما نصه: قال بعض الشراح إنما كان من لا يتزوج أو يتسرى مع القدرة عليه من شرار الأمة في الأحياء وأراذلها في الأموات لمخالفته ما أمر الله به ورسوله وحث عليه، وسمي من شرار الخلق لعدم غض بصره وتحصين فرجه، ولعدم ستر شطر دينه، للأخبار الواردة في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: من تزوج فقد ستر شطر دينه، فليتق الله في الشطر الآخر وأيضا فإن مثل هذا لا يؤمن غالبا على النساء ولا على المجاورة في السكنى وغيرها.

فربما تسلط الشيطان فيقع الفساد.

اه.


(١) سورة النساء، الاية: ٣.
(٢) سورة النور، الاية: ٣٢.
(٣) لعلها العلية

<<  <  ج: ص:  >  >>