للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك من البدع الحسنة التي عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.

اه.

وقد بسط الكلام على ذلك شيخ الإسلام ببلد الله الحرام مولانا وأستاذنا العارف بربه المنان سيدنا أحمد بن زيني دحلان في سيرته النبوية، ولا بأس بإيراده هنا، فأقول: قال رضي الله عنه ومتعنا والمسلمين بحياته.

(فائدة) جرت العادة أن الناس إذا سمعوا ذكر وضعه - صلى الله عليه وسلم - يقومون تعظيما له - صلى الله عليه وسلم - وهذا القيام مستحسن لما فيه من تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد فعل ذلك كثير من علماء الأمة الذين يقتدى بهم.

قال الحلبي في السيرة فقد حكى بعضهم أن الإمام السبكي اجتمع عنده كثير من علماء عصره فأنشد منشده قول الصرصري في مدحه - صلى الله عليه وسلم -: قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعه قياما صفوفا أو جثيا على الركب فعند ذلك قام الإمام السبكي وجميع من بالمجلس، فحصل أنس كبير في ذلك المجلس وعمل المولد.

واجتماع الناس له كذلك مستحسن.

قال الإمام أبو شامة شيخ النووي: ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده - صلى الله عليه وسلم - من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك - مع ما فيه من الإحسان للفقراء - مشعر بمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به من إيجاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسله رحمة للعالمين.

قال السخاوي: إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من

بركاته كل فضل عميم.

وقال ابن الجوزي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، وأول من أحدثه من الملوك الملك المظفر أبو سعيد صاحب أربل، وألف له الحافظ ابن دحية تأليفا سماه التنوير في مولد البشير النذير، فأجازه الملك المظفر بألف دينار وصنع الملك المظفر المولد، وكان يعمله في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا، وكان شهما شجاعا، بطلا عاقلا، عالما عادلا، وطالت مدته في ملك إلى أن مات وهو محاصر الفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة، محمود السيرة والسريرة.

قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان: (حكى) لي بعض من حضر سماط المظفر في بعض المواليد فذكر أنه عد فيه خمسة آلاف رأس غنم شواء، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى، وكان يحضر عنده في الموالد أعيان العلماء والصوفية، فيخلع عليهم، ويطلق لهم البخور، وكان يصرف على الموالد ثلاثمائة ألف دينار.

واستنبط الحافظ ابن حجر تخريج عمل المولد على أصل ثابت في السنة، وهو ما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، ونحن نصومه شكرا.

فقال نحن أولى بموسى منكم وقد جوزي أبو لهب بتخفيف العذاب عنه يوم الإثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشرته بولادته - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يخرج له من بين إصبعيه ماء يشربه كما أخبر بذلك العباس في منام رأى فيه أبا لهب.

ورحم الله القائل، وهو حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر، حيث قال: إذا كان هذا كافرا جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا أتى أنه في يوم الإثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمد فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا قال الحسن البصري، قدس الله سره: وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهبا لأنفقته على قراءة مولد الرسول.

قال الجنيدي البغدادي رحمه الله: من حضر مولد الرسول وعظم قدره فقد فاز بالإيمان.

قال معروف الكرخي قدس الله سره:

<<  <  ج: ص:  >  >>