قبله صالح للقضاء (وليسو القاضي بين الخصمين) وجوبا في إكرامهما وإن اختلفا شرفا وجواب سلامهما والنظر إليهما والاستماع للكلام وطلاقة الوجه والقيام فلا يخص أحدهما بشئ مما ذكر.
ولو سلم أحدهما انتظر الآخر ويغتفر طول الفصل للضرورة أو قال له سلم ليجيبهما معا ولا يمزح معه وإن شرف بعلم أو حرية والاولى أن يجلسهما بين يديه.
ــ
الفتح: أن يتتبع بالفك من غير إدغام، وقد عقد في الروض وشرحه لهذه المسألة فصلا فقال: فصل في جواز تتبع القاضي حكم من قبله من القضاة الصالحين.
للقضاء وجهان: أحدهما نعم، واختاره الشيخ أبو حامد، وثانيهما المنع، لان الظاهر منه السداد، وبه جزم المحاملي، وصححه الفارقي، وعزاه الماوردي إلى جمهور البصريين، واقتضاه كلام الاصل في الباب الآتي، فإن تظلم شخص من معزول أو نائبه، سأله عما يريد منه، ولا يسارع إلى إحضاره فقد يقصد إبتذاله، فإن ادعى بأن ذكر أنه يدعي معاملة، أو إتلاف مال، أو عينا أخذها بغصب أو نحوه، أحضره وفصل خصومته منه كغيره.
وكذا لو ادعى عليه رشوة بتثليث الراء.
أو حكما بعبدين مثلا، أي بشهادة عبدين أو غيرهما ممن لا تقبل شهادته، وإن لم يتعرض للاخذ، أي أخذ المال المحكوم به منه، فإن أقام على المعزول بعد الدعوى عليه بينة، أو أقر المعزول
حكم عليه، وإلا صدق بيمينه، كسائر الامناء إذا ادعى عليهم خيانة، ولعموم خبر: البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلخ.
اه.
(قوله: وليسو القاضي إلخ) لما فرغ من شروط القاضي، شرع في الامر المطلوب منه وفي المحرم عليه، وبدأ بالاول فقال: وليسو الخ.
(قوله: بين الخصمين) أي وإن وكلا، فلا يرفع الموكل على الخصم لان الدعوى متعلقة به أيضا، بدليل أنه إذا وجبت يمين وجب تحليفه، وكثير يوكل خلاصا من ورطة التسوية بينه وبين خصمه، وهو جهل قبيح (قوله: في إكرامهما) متعلق بيسو: أي وليسو في إكرام الخصمين: أي بسائر وجوه الاكرام، وفي الكلام اكتفاء، أي وفي عدم إكرامهما، كطلاقة وجه وضدها، وقيام وضده ونظر إليهما وضده، وهكذا.
(قوله: وإن اختلفا شرفا) أي فضيلة، وهو غاية للتسوية، ومحله ما لم يختلفا بالاسلام والكفر، وإلا فيجب أن يميز المسلم على الكافر في سائر وجوه الاكرام: كأن يجلس المسلم أقرب إليه، كما جلس سيدنا علي رضي الله عنه بجنب شريح في خصومة له مع يهودي، وقال له لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك، لكني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تساووهم في المجالس.
رواه البيهقي.
(قوله: وجواب سلامهما) معطوف هو وما بعده على إكرامهما، من عطف الخاص على العام.
وعبارة المنهج: وليسو بين الخصمين في الاكرام، كقيام، ودخول، واستماع، وطلاقة وجه إلخ.
اه.
وهي أولى من عبارة المؤلف.
(قوله: والنظر إليهما) أي وليسو في النظر إلى الخصمين، فلا ينظر لاحدهما دون الآخر، لئلا ينكسر قلب الآخر.
(قوله: والاستماع للكلام) أي وليسو في استماع كلامهما، فلا يسمع كلام أحدهما دون الآخر لما مر.
(قوله: وطلاقة الوجه) أي وليسو في طلاقة الوجه، أي إظهار الفرح لهما، فلا يخص أحدهما بطلاقة الوجه لما مر.
(قوله: والقيام) أي وليسو بينهما في القيام لهما، فلا يقوم لاحدهما دون الآخر لما مر، فلو قام لاحدهما ولم يعلم أنه في خصومة، ينبغي أن يقوم للآخر، أو يعتذر بأنه لم يعلم أنه جاء في خصومة.
(قوله: فلا يخص أحدهما) أي الخصمين، وهو تفريع على قوله وليسو الخ.
(وقوله: بشئ مما ذكر) أي من جواب السلام، والنظر والاستماع للكلام، وطلاقة الوجه، والقيام.
(قوله: ولو سلم إلخ) الأولى التفريع بالفاء.
(وقوله: أحدهما) أي الخصمين.
(وقوله: انتظر) أي القاضي الآخر: أي سلامه، فيجيبهما معا.
وفي البجيرمي: قال بعضهم إن ما ذكر هنا يخالف ما سبق في السير من أن ابتداء السلام سنة كفاية من جمع، فإذا حضر جمع وسلم أحدهم كفى عن الباقين.
اه.
(قوله: ويغتفر طول الفصل) أي بين الرد وسلام الاول.
(وقوله: للضرورة) أي وهي المحافظة على التسوية.
(قوله: أو قال له سلم) واغتفر هذا التكلم بأجنبي ولم يكن قاطعا للرد لضرورة التسوية أيضا.
قال زي: فلو لم يسلم ترك جواب الاول محافظة على
التسوية.
اه.
قال البجيرمي.
وفيه أنه يلزم عليه ترك واجب لتحصيل واجب، فما المرجح إلا أن يقال المرجح الاحتياط للمحافظة على التسوية.
اه.
(قوله: ولا يمزح الخ) معطوف على (قوله: فلا يخص أحدهما) أي ولا يمزح القاضي مع