وما خالف المذاهب الاربعة كالمخالف للاجماع (أو بمرجوح) من مذهبه فيظهر القاضي بطلان ما خالف ما ذكر وإن لم يرفع إليه بنحو نقضته أو أبطلته.
تنبيه: نقل العراقي وابن الصلاح الاجماع على أنه لا يجوز الحكم، بخلاف الراجح في المذهب، وصرح السبكي بذلك في مواضع من فتاويه وأطال وجعل ذلك من الحكم - بخلاف ما أنزل الله - لان الله تعالى أوجب على المجتهدين أن يأخذوا بالراجح وأوجب على غيرهم تقليدهم فيما يجب عليهم العمل به.
ونقل الجلال البلقيني عن والده أنه كان يفتي أن الحاكم إذا حكم بغير الصحيح من مذهبه نقض.
وقال البرهان بن ظهيرة: وقضيته والحالة هذه أنه لا فرق بين أن يعضده اختيار لبعض المتأخرين أو بحث.
تنبيه ثان: إعلم أن المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان، كما جزم به النووي
ــ
أي أو كان ذلك الحكم بخلاف الاجماع.
(قوله: ومنه) أي ومن خلاف الاجماع ما خالف شرط الواقف، فمن حكم بخلافه نقض.
(قوله: وما خالف الخ) أي والحكم الذي خالف المذاهب الاربعة فهو كالمخالف للاجماع: أي فينقض.
(قوله: أو بمرجوح) عطف على قوله بخلاف نص: أي أو كان ذلك الحكم بقول مرجوح من مذهب إمامه.
(قوله: فيظهر إلخ) مرتبط بقوله ونقض، وهو كالتفسير له: أي فالمراد من نقضه إظهار بطلانه، لانه باطل من أصله.
وليس المراد به بطلان نفسه، لايهامه أنه كان صحيحا ثم بطل.
(وقوله: ما ذكر) أي من النص والقياس والاجماع.
(قوله: وإن لم يرفع إليه) غاية في إظهار البطلان والفعل مبني للمجهول، ونائب فاعله يعود على الامر المخالف لما ذكر، وضمير إليه يعود علي القاضي: أي يظهر القاضي البطلان مطلقا سواء رفع الخصمان الامر المخالف لما ذكر إليه أم لا.
قال في المغني: وعلى القاضي إعلام الخصمين بصورة الحال.
قال الماوردي: ويجب على القاضي أن يسجل بالنقض كما يسجل بالحكم، ليكون التسجيل الثاني مبطلا للاول، كما صار الثاني ناقضا للحكم الاول، فإن لم يكن قد سجل بالحكم لم يلزمه الاسجال بالنقض، وإن كان الاسجال به أولى.
اه.
(قوله: بنحو نقضته) متعلق بيظهر: أي يظهر البطلان بصيغة تدل عليه كنقضته وأبطلته وفسخته.
قال في التحفة: إجماعا في مخالف الاجماع وقياسا في غيره.
(قوله: تنبيه) أي في بيان عدم جواز الحكم بخلاف الراجح.
(قوله: بالاجماع) مفعول نقل.
(قوله: على أنه)
ضميره للحال والشأن.
والجار والمجرور متعلق بالاجماع.
(وقوله: بخلاف الراجح) متعلق بالحكم.
(وقوله: في المذهب) متعلق بالراجح: أي لا يجوز للقاضي أن يحكم بخلاف الراجح في مذهبه، وهو المرجوح.
(قوله: وصرح السبكي بذلك) أي بعدم الجواز.
(قوله: وأطال) أي السبكي الكلام على ذلك.
(قوله: وجعل ذلك) أي الحكم بخلاف الراجح في المذهب.
(وقوله: من الحكم) بخلاف ما أنزل الله تعالى.
قال في التحفة: وبه يعلم أن مراد الاولين بعدم الجواز عدم الاعتداد به فيجب نقضه، وقال فيها أيضا: قال ابن الصلاح وتبعوه، وينفذ حكم من له أهلية الترجيح إذا رجح قولا ولو مرجوحا في مذهبه بدليل جيد، وليس له أن يحكم بشاذ أو غريب في مذهبه، إلا إن ترجح عنده، ولم يشرط عليه إلتزام مذهب باللفظ أو العرف، كقوله على قاعدة من تقدمه.
اه.
(قوله: لأن الله تعالى إلخ) تعليل لجعل الحكم بخلاف الراجح من الحكم بغير ما أنزل الله تعالى.
(قوله: أنه) أي والد الجلال.
(وقوله: نقض) أي حكمه.
(قوله: وقضيته) أي الافتاء بنقض الحكم.
(قوله: والحالة هذه) أي حالة كون الحكم كائنا بغير الصحيح من مذهبه.
(وقوله: أنه) أي الحال والشأن.
(وقوله: لا فرق) أي في نقض الحكم بغير الصحيح.
(وقوله: بين أن يعضده) أي يقويه، وضميره يعود على غير الصحيح، والمقابل محذوف: أي أولا.
(قوله: تنبيه ثان) أي في بيان المعتمد في المذهب.
(قوله: ما اتفق عليه الشيخان) أي النووي والرافعي، ومحله