للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأن لا تغلب طاعاته صغائره فمتى ارتكب كبيرة بطلت عدالته مطلقا.

أو صغيرة أو صغائر داوم عليها أولا خلافا لمن فرق.

فإن غلبت طاعته صغائره فهو عدل، ومتى استويا أو غلبت صغائره طاعاته فهو فاسق.

والصغيرة كنظر

ــ

الاحياء أن الصغيرة قد تكبر بغير الاصرار كاستصغار الذنب، والسرور به، وعدم المبالاة، والغفلة عن كونه يسبب الشقاوة والتهاون بحكم الله، والاغترار بستر الله تعالى وحلمه، وأن يكون عالما يقتدى به ونحو ذلك.

اه.

بجيرمي.

(قوله: أو صغائر) أي من نوع واحد أو أنواع.

(قوله: بأن لا تغلب طاعاته صغائره) الذي يظهر أن الباء بمعنى مع، وهي متعلقة بإصرار المنفي.

والمعنى أن العدالة تتحقق بإجتناب الاصرار المصاحب لعدم غلبة طاعاته معاصيه، بأن استويا أو غلبت المعاصي، أما الاصرار المصاحب لغلبة الطاعات فتحقق العدالة بدون إجتنابه - كما سيصرح به - ورأيت لسيد عمر البصري كتب على قول التحفة، بأن لا تغلب إلخ ما نصه: كذا في النهاية، وفي هامش أصله بخط تلميذه عبد الرؤوف ما نصه: الظاهر أن لا زائدة، وفيه نظر لأن الظاهر أن مراد الشارح تفسير الاصرار المراد للمصنف، وحينئذ فيتعين إثبات لا،

وأما حذف لا فإنما يتأتى لو كان المراد تفسير إجتناب الاصرار، وليس مرادا.

اه.

وهو يفيد أن الباء تصوير لمراد المصنف من الاصرار وهو بعيد، ويدل على ما ذكرته قول التحفة: قيل عطف الاصرار من عطف الخاص على العام، لما تقرر أنه ليس المراد مطلقه، بل مع غلبة الصغائر أو مساواتها للطاعات إلخ.

اه.

وقوله: بل مع الخ مع محل الاستدلال.

(قوله: فمتى ارتكب الخ) تفريع على مجموع قوله باجتناب كل كبيرة، وإجتناب إصرار على صغيرة الخ المفيد للاطلاق في جانب الكبيرة، والتقييد في جانب الصغيرة.

(وقوله: مطلقا) أي سواء غلبت طاعاته صغائرة أم لا.

(قوله: أو صغيرة) أي ومتى ارتكبت صغيرة أو صغائر.

(وقوله: داوم عليها) أي أصر عليها أم لا.

(وقوله: خلافا لمن فرق) أي بين المداومة: أي الاصرار وعدمها، والظاهر أن هذا الفارق يقول إن المداومة عليها تسقط الشهادة مطلقا - غلبت معاصيه أم لا - كالكبيرة، كما يدل على ذلك عبارة الروض وشرحه ونصهما: فالاصرار على الصغائر ولو على نوع منها يسقط الشهادة، بشرط ذكره في قوله: قال الجمهور: من غلبت طاعته معاصيه كان عدلا، وعكسه فاسق.

اه.

فيؤخذ من قوله بشرط إلخ أن خلاف الجمهور لا يقولون به.

تأمل.

(قوله: فإن غلبت الخ) جواب متى المقدرة قبل قوله: أو صغيرة.

قال في النهاية: ويتجه ضبط الغلبة بالعد من جانبي الطاعة والمعصية من غير نظر، لكثرة الثواب في الاولى، وعقاب في الثانية، لأن ذلك أمر أخروي لا تعلق له بما نحن فيه.

اه.

وكتب ع ش: قوله من جانبي الطاعة والمعصية - أي بأن يقابل كل طاعة بكل معصية في جميع الايام، حتى لو غلبت الطاعات على المعاصي في بعض الأيام، وغلبت المعاصي في باقيها، بحيث لو قوبلت جملة المعاصي بجملة الطاعات كانت المعاصي أكثر لم يكن عدلا.

اه.

وقوله: من غير نظر لكثرة إلخ: معناه أن الحسنة تقابل بسيئة لا بعشر سيئات.

وعبارة ق ل: ومعنى غلبتها مقابلة الفرد بالفرد من غير نظر إلى المضاعفة.

اه: قال في النهاية: ومعلوم أن كل صغيرة تاب منها مرتكبها لا تدخل في العد، لاذهاب التوبة الصحيحة أثرها رأسا.

اه.

(قوله: والصغيرة الخ) هي كل ذنب ليس بكبيرة، قال في الزواجر: (واعلم) أن جماعة من الائمة أنكروا أن في الذنوب صغيرة، وقالوا: بل سائر المعاصي كبائر، منهم الاستاذ أبو إسحاق الاسفرايني والقاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين في الارشاد، وابن القشيري في المرشد، بل حكاه ابن فورك عن الاشاعرة واختاره في تفسيره فقال: معاصي الله عندنا كلها كبائر، وإنما يقال لبعضها صغيرة ولبعضها كبيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها.

ثم قال: وقال جمهور العلماء أن المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر، ولا خلاف بين الفريقين في المعنى، وإنما الخلاف في التسمية والاطلاق، لاجماع الكل على أن من المعاصي ما يقدح في العدالة،

ومنها ما لا يقدح في العدلة، وإنما الاولون فروا من هذه التسمية، فكرهوا تسمية معصية الله صغيرة نظرا إلى عظمة الله تعالى وشدة عقابه، وإجلالا له عزوجل عن تسمية معصيته صغيرة، لانها بالنظر إلى باهر عظمته كبيرة، أي كبيرة.

ولم ينظر الجمهور إلى ذلك لأنه معلوم، بل قسموها إلى صغائر وكبائر لقوله تعالى: * (وكره إليكم الكفر والفسوق

<<  <  ج: ص:  >  >>