للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكشف العورة في الخلوة عبثا ولعب بنرد لحصة النهي عنه وغيبة وسكوت عليها.

ونقل بعضهم الاجماع على أنها كبيرة لما فيها من الوعيد الشديد محمول على غيبة أهل العلم وحملة القرآن لعموم البلوى بها، وهي ذكرك

ــ

عليه.

(وقوله: ولو لبهيمة أو كافر) أي فإنه يحرم.

قال في الزواجر: واستفيد من هذه الاحاديث أن لعن الدواب حرام، وبه صرح أئمتنا، والظاهر أنه صغيرة ثم قال: ثم رأيت بعضهم صرح بأن لعن الدابة والذمي المعين كبيرة، وقيد حرمة لعن المسلم بغير سبب شرعي وفيه نظر، والذي ينجه ما مر من أن لعن الدواب صغيرة، وأما الذمي فيحتمل أنه كبيرة لاستوائه مع المسلم في حرمة إيذائه، وأما تقييده فغير صحيح، إذ ليس لنا غرض شرعي يجوز لعن المسلم أصلا.

اه.

(قوله: وبيع معيب بلا ذكر عيب) أي للمشتري فإنه حرام من الصغائر، ومحلها إذا علم البائع بالعيب، وإلا فلا حرمة كما هو ظاهر.

(قوله: وبيع رقيق مسلم لكافر) أي فإنه حرام، ولا يصح كما تقدم في باب البيع لما في ذلك من الاذلال للمسلم، ولقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * نعم يصح فيما إذا كان يعتق عليه كما إذا كان

المبيع أصلا أو فرعا للمشتري الكافر، لانه يستعقب العتق فلا إذلال، ويحرم أيضا بيع المصحف لكافر، ولا يصح كما تقدم لما فيه من الاهانة.

(قوله: ومحاذاة قاضي الحاجة الكعبة بفرجه) أي فإنها حرام إستقبالا وإستدبارا، لكن بشرط أن يكون في صحراء بدون ساتر، أو في بناء غير معد لقضاء الحاجة.

وذلك لخبر: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا وقد تقدم هذا في أول الكتاب.

(قوله: وكشف العورة في الخلوة عبثا) أي من غير حاجة فهو حرام حينئذ، فإن كان لحاجة كإغتسال لم يحرم - كما تقدم أول الكتاب في شروط الصلاة -.

(قوله: ولعب بنرد) هو المعروف عند الناس بالطاولة، وفي مسلم: من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه.

وفارق الشطرنج حيث يكره إن خلا عن المال بأن معتمده الحساب الدقيق والفكر الصحيح، ففيه تصحيح الفكر ونوع من التدبير، ومعتمد النرد الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق.

قال العلامة الهمام ابن نباتة في شرحه لرسالة إبن زيدون: وقد وضع النرد لازدشير من ولد ساسان، وهو أول الفرس الثانية تنبيها على أنه لا حيلة للانسان مع القضاء والقدر، وهو أول من لعب به، فقيل نردشير، وقيل أنه هو الذي وضعه.

وشبه به تقلب الدنيا بأهلها، فجعل بيوت النرد اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، وعدد كلابها ثلاثون بعدد أيام الشهور، وجعل الفصين مثالا للقضاء والقدر وتلقيبهما بأهل الدنيا، وأن الانسان يلعبه فيبلغ بإسعاف القدر ما يريده، وأن اللاعب غير الفطن يتأتى له ما يتأتى للفطن إذا أسعفه القدر.

فعارضهم الهند بالشطرنج.

(قوله: وغيبة وسكوت عليها) عبارة الروض وشرحه: وغيبة للمسر فسقه واستماعها بخلاف المعلن لا تحرم غيبته بما أعلن به كما مر في النكاح، وبخلاف غير الفاسق فينبغي أن تكون غيبته كبيرة، وجرى عليه المصنف كأصله في الوقوع في أهل العلم وحملة القرآن كما مر، وعلى ذلك يحمل ما ورد فيها من الوعيد الشديد في الكتاب والسنة، وما نقله القرطبي من الاجماع على أنها كبيرة، وهذا التفصيل أحسن من إطلاق صاحب العدة أنها صغيرة، وإن نقله الاصل عنه وأقره وجرى عليه المصنف.

وقوله: واستماعها أخص من قول الاصل، والسكوت عليها لانه قد يعلمها ولا يسمعها.

اه.

(قوله: ونقل بعضهم) مبتدأ خبره قوله محمول الخ.

(قوله: الاجماع على أنها) أي الغيبة كبيرة.

(وقوله: لما فيها من الوعيد الشديد) علة لكونها كبيرة، ومما ورد فيها قوله عليه السلام: من قذفا مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله في ردغة الخبال.

رواه الطبراني وغيره.

وردغة بسكون الدال وفتحها.

عصارة أهل النار.

وقوله عليه السلام: لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخشمون صدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل: قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.

وقوله عليه السلام في حجة الوداع: إن دماءكم

وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ومن أربى الربا إستطالة المرء في عرض أخيه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبك من صفية كذا وكذا - قال بعض الرواة تعني أنها قصيرة - فقال عليه السلام: قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته.

أي لانتنته وغيرت ريحه.

وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره


(١) سورة النساء، الاية: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>