للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لخوف عقاب ولو اطلع عليه أو لغرامة مال (ب) - شرط (إقلاع) عنها حالا إن كان متلبسا أو مصرا على معاودتها.

ومن الاقلاع رد المغصوب (وعزم أن لا يعود) إليها ما عاش (وخروج عن ظلامة آدمي) من مال أو غيره فيؤدي الزكاة لمستحقيها ويرد المغصوب إن بقي وبدله إن تلف لمستحقه ويمكن مستحق القود وحد القذف من الاستيفاء أو يبرئه منه المستحق للخبر الصحيح: من كانت لاخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحله

ــ

بالاسلام مع الندم مقطوع به وثابت بالاجماع، وإنما كان توبة الكافر مقطوعا بها لان الايمان لا يجامع الكفر، والمعصية قد تجامع التوبة.

اه.

ببعض.

تصرف.

واعلم: أنه ورد في فضائل التوبة من الآيات والأحاديث شئ كثير، فمن ذلك قوله تعالى: * (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) *.

وقوله تعالى: * (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما) *.

وقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها.

رواه مسلم، وقال عليه السلام: إن من قبل المغرب لبابا مسيرة عرضه أربعون عاما - أو سبعون سنة - فتحه الله عزوجل للتوبة يوم خلق السموات والأرض، فلا يغلقه حتى تطلع الشمس منه.

رواه الترمذي وصححه.

اللهم اجعلنا من التائبين يا كريم.

(قوله: وهي) أي التوبة ندم، وعبارته تقتضي أنها هي الندم بالشروط الآتية، وهو الموافق لحديث: التوبة

الندم.

(وقوله: من حيث أنها معصية) عبارة الزواجر: وإنما يعتد به: أي بالندم إن كان على ما فاته من رعاية حق الله تعالى ووقوعه في الذنب حياء من الله تعالى وأسفا على عدم رعاية حقه، فلو ندم لحظ دنيوي كعار، أو ضياع مال، أو تعب بدن، أو لكون مقتوله ولده، لم يعتبر كما ذكره أصحابنا الاصوليون، وكلام أصحابنا الفقهاء ناطق بذلك، وإنما لم يصرحوا به لان التوبة عبادة، وهي لا تكون إلا لله تعالى، فلا يعتد بها إن كان لغرض آخر، وإن قيل من خصائص التوبة أنه لا سبيل للشيطان عليها لانها باطنة فلا تحتاج إلى الاخلاص لتكون مقبولة، ولا يدخلها العجب والرياء، ولا مطمع للخصماء فيها.

اه.

(قوله: لا لخوف عقاب إلخ) أي أن كان الندم من حيث خوف عقاب لو اطلع عليه، أو كان من حيث غرامة مال عليه، فإنه لا يعتبر فيهما ولا يعد تائبا.

(قوله: بشرط إقلاع عنها) أي عن المعصية.

(وقوله: حالا) أي بأن يتركها من غير مهلة.

(وقوله: إن كان متلبسا) أي بالمعصية.

(وقوله: أو مصرا على معاودتها) الظاهر أن هذا يغني عنه قوله فيما سيأتي وعزم أن لا يعود، إذ بوجود هذا ينتفي الاصرار على معاودتها تأمل.

(قوله: ومن الاقلاع رد المغصوب) لا حاجة إلى هذا لاندراجه في قوله.

وخروج عن ظلامة آدمي الذي هو ثمرة الاقلاع، وسيصرح به هناك.

(قوله: وعزم أن لا يعود إليها معطوف على إقلاع: أي وبشرط العزم على أن لا يعود إلى المعصية.

قال في التحفة: ومحله إن تصور منه، وإلا كمجبوب تعذر زناه لم يشترط فيه العزم على عدم العود له بالاتفاق.

اه.

(قوله: وخروج عن ظلامة آدمي) معطوف على إقلاع أيضا: أي وبشرط خروج عن ظلامة آدمي.

وعبارة التحفة في الدخول على هذا، ثم صرح بما يفهمه الاقلاع للاعتناء به فقال: ورد ظلامة آدمي، يعني الخروج منها بأي وجه قدر عليه، مالا كانت أو عرضا نحو قود وحد قذف إلى تعلقت به، سواء تمحضت له أم كان فيها مع ذلك حق مؤكد لله تعالى كزكاة، وكذا نحو كفارة وجبت فورا.

اه.

(قوله: من مال) بيان للظلامة.

(وقوله: أو غيره) كالعرض.

(قوله: فيؤدي إلخ) أي من عليه ظلامة وأراد التوبة، وهذا هو معنى الخروج عن الظلامة.

(قوله: ويرد المغصوب إن بقي) أي إن كان باقيا بعينه.

(قوله: وبدله) أي أو يرد بدله إن كان قد تلف.

(وقوله: لمستحقه) متعلق بيرد.

(قوله: ويمكن الخ) أي ويمكن التائب الذي عليه ظلامة مستحق القود وحد القذف من الاستيفاء، بأن يأتي إليه ويقول له أنا الذي قتلت أو قذفت ولزمني موجبهما، فإن شئت فاستوف وإن شئت فاعف.

(قوله: أو يبرئه منه المستحق) الظاهر أنه معطوف على مقدر، أي فبعد التمكين يستوفيه منه


(١) سورة النور، الاية: ٣١.
(٢) سورة الفرقان، الاية: ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>