للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزنا مما ليس فيه حق آدمي فلا يحتاج فيه إلى الاستحلال والاوجه الاول.

ويسن للزاني - ككل مرتكب معصية - الستر على نفسه بأن لا يظهرها ليحد أو يعزر لا أن يتحدث بها تفكها أو مجاهرة فإن هذا حرام قطعا، وكذا يسن لمن أقر بشئ من ذلك الرجوع عن إقراره به قال شيخنا: من مات وله دين لم يستوفه ورثته يكون هو

ــ

للآدمي، فتتوقف التوبة منهما على إستحلال أقارب المزني بها، أو الملوط به، وعلى إستحلال زوج المزني بها.

هذا إن لم يخف فتنة، وإلا فليتضرع إلى الله تعالى في إرضائهم عنه.

ويوجه ذلك بأنه لا شك أن في الزنا واللواط إلحاق عار، أي عار بالاقارب، وتلطيخ فراش الزوج، فوجب إستحلالهم حيث لا عذر.

فإن قلت: ينافي ذلك جعل بعضهم من الذنوب التي لا يتعلق بها حق آدمي وطئ الاجنبية فيما دون الفرج وتقبيلها من الصغائر، والزنا وشرب الخمر من الكبائر، وهذا صريح في أن الزنا ليس فيه حق آدمي فلا يحتاج فيه إلى الاستحلال.

قلت: هذا لا يقاوم به كلام الغزالي، لا سيما وقد قال الاذرعي عنه إنه في غاية الحسن والتحقيق، فالعبرة بما دل عليه دون غيره.

اه.

(قوله: فلا يحتاج) أي الزنا وهو تفريع على أنه ليس فيه حق آدمي.

(وقوله: إلى الاستحلال) أي استحلال زوج المزني بها.

(قوله: والاوجه الاول) أي ما قاله بعضهم من أنه يتوقف في التوبة من الزنا على الاستحلال.

(قوله: ويسن للزاني إلخ) أي لقوله عليه السلام: من ابتلي منكم بشئ من هذه القاذورات، فليستتر بستر الله تعالى.

(قوله: الستر على نفسه) نائب فاعل يسن.

(قوله: بأن لا يظهرها) أي المعصية، وهو تصوير للستر المسنون.

(قوله: ليحد أو يعزر) علة الاظهار المنفي، فهو إذا أظهرها يحد أو يعزر، ويكون خلاف السنة.

وإذا لم يظهرها لا يحد ولا يعزر، ويكون مسنونا.

(قوله: لا إن يتحدث بها) معطوف على أن لا يظهرها.

والمعنى عليه: يصور الستر بعدم إظهارها، ولا يصور بالتحدث بالمعصية الخ، وهذا أمر معلوم فلا فائدة في نفيه.

وعبارة التحفة: لا أن لا يتحدث بها، بزيادة لا النافية بعد أن، وهي ظاهرة، وذلك لان معناها أن الستر المسنون لا يصور بعدم التحدث بها تفكها أو مجاهرة، إذ يفيد حينئذ أن عدم التحدث بها سنة، وأن التحدث خلاف السنة فقط، مع أنه حرام قطعا.

إذا علمت ذلك فلعل في العبارة إسقاط لفظ لا من النساخ.

تأمل.

(وقوله: تفكها) أي استلذاذا بالمعصية.

(وقوله: أو مجاهرة) أي أو لأجل التجاهر بها.

(قوله: فإن هذا) أي التحدث بالمعصية تفكها أو مجاهرة، حرام قطعا.

وخرج بالتحدث لذلك التحدث لا لذلك، بل ليستوفى منه الحد الذي أوجبته المعصية، فهو ليس بحرام، بلا خلاف السنة فقط كما علمت.

(قوله: وكذا يسن لمن أقر بشئ من ذلك) أي من المعاصي.

(وقوله: الرجوع عن إقراره به) قال في التحفة: ولا يخالف هذا قولهم يسن لمن ظهر عليه حد - أي لله - أن يأتي الامام ليقيمه عليه لفوات الستر، لان المراد بالظهور هنا أن يطلع على زناه مثلا من لا يثبت الزنا بشهادته، فيسن له ذلك، أما حد الآدمي، أو القود له، أو تعزيره، فيجب الاقرار به ليستوفى منه.

ويسن لشاهد الاول الستر ما لم ير المصلحة في الاظهار، ومحله إن لم يتعلق بالترك إيجاب حد على الغير، وإلا كثلاثة شهدوا بالزنا لزم الرابع الاداء، وأثم بتركه.

وليس استيفاء نحو القود مزيلا للمعصية، بل لا بد معه من التوبة.

اه.

(وقوله: لأن المراد بالظهور هنا) أي في قوله: يسن لمن ظهر عليه الخ.

قال سم: فقال في شرح الروض: قال ابن الرفعة: والمراد به - أي بالظهور - الشهادة.

قال: وألحق به إبن الصباغ ما إذا اشتهر بين الناس.

اه.

(قوله: قال شيخنا الخ) عبارته في الزواجر.

وفي الجواهر: لو مات المستحق واستحقه وارث بعد وارث، فمن يستحقه في الآخرة.

أربعة أوجه: الاول آخر الورثة، ورابعها إن طالبه صاحبه به فجحده به وحلف فهو له، وإلا انتقل إلى ورثته.

وادعى القاضي أنه لو حلف عليه يكون للاول.

وقال النسائي: لو استحق الوفاء وارث بعد وارث، فإن كان المستحق ادعاه وحلف.

قال في الكفاية: فالطلب في الآخرة لصاحب الحق بلا خلاف، أو لم يحلف فوجوه، في الكفاية أصحها ما نسبه الرافعي للحناطي كذلك، والثاني للكل، والثالث للاخير ولمن فوقه ثواب المنع.

قال الرافعي: وإذا دفع لآخر الورثة خرج عن مظلمة الكل، إلا فيما سوف وماطل.

اه.

ملخصا.

وقوله: ثواب المنع: أي من وفاء ما يستحقه.

(قوله: وله) أي لمن مات.

(وقوله: دين) أي على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>