للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا ينعقد اليمن إلا باسم خاص بالله تعالى أو صفة من صفاته: كوالله والرحمن والاله ورب العالمين

ــ

الشاهدين.

والتي تقع في غير الخصومة ثلاثة أقسام: إثنان لا ينعقدان وهما: لغو اليمين، ويمين المكره - بفتح الراء - وواحد ينعقد، وهو يمين المكلف المختار القاصد في غير واجب.

واعلم: أيضا أن الفقهاء يجمعون النذر مع الايمان في كتاب واحد لما بينهما من المناسبة، وهي أن بعض أقسام النذر فيه كفارة يمين، والمؤلف رحمه الله تعالى خالفهم، وذكره في أواخر باب الحج عقب مبحث الاضحية، وله وجه أيضا كما نبهنا عليه هناك، وهو أن بعض أقسام الحج قد يكون منذورا وكذلك الأضحية، فناسب أن يستوفي الكلام على النذر هناك.

(قوله: لا ينعقد اليمين إلا الخ) إنعقادها بهذين النوعين من حيث الحنث المرتب عليه الكفارة، أما من حيث وقوع المحلوف عليه فلا ينحصر فيهما بل يحصل بغيرهما أيضا، كالحلف بالعتق والطلاق المعلقين على شئ كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو فعبدي حر.

وأما قولهم الطلاق والعتق لا يحلف بهما، فمعناه أنهما لا يكونان مقسما بهما كقوله: والطلاق، أو والعتق لا أفعل كذا.

(وقوله: بإسم) المراد بالاسم ما دل على الذات فقط كالله، أو على الذات والمعنى كالخالق، وبالصفة ما دلت على المعنى فقط كعظمته.

(وقوله: خاص بالله تعالى) أي بأن لا يطلق على غيره كالله، وكرب العالمين، ومالك يوم الدين، وكالحي الذي لا يموت، وكمن نفسي بيده - أي بقدرته يصرفها كيف يشاء - والذي أعبده أو أسجد له.

فلا فرق بين المشتق وغيره، ولا بين أن يكون من الاسماء الحسنى أو لا، ولا بين أن يكون من الاسماء المضافة أو لا.

واعلم: أن أسماءه تعالى ثلاثة أنواع، كما يعلم من عبارة المنهاج: ما لا يحتمل غير الله تعالى وهو ما ذكر، وما يحتمل غيره والغالب إطلاقه عليه تعالى كالرحيم والخالق والرازق، وما يستعمل فيه وفي غيره على حد سواء كالموجود

والعالم والقسم الاول لا تقبل فيه إرادة غير الله تعالى لأنه لا يحتمل غيره، إذ الفرض أنه مختص بالله تعالى، وأما إذا قال أردت به غير اليمين كأن قال: بالله لا أفعل كذا، وقال: أردت أتبرك بالله تعالى أو أستعين بالله، فإنه يقبل منه لان التورية نافعة كما سيصرح به ما لم تكن بحضرة القاضي المستحلف له، وإلا فلا تنفعه.

قال في فتح الجواد خلافا لما توهمه عبارة المنهاج: أي من عدم قبول ذلك منه على أنه قيل إنها سبق قلم.

اه.

ونص عبارة المنهاج: لا تنعقد اليمين إلا بذات الله تعالى أو صفة له كقوله: والله ورب العالمين، والحي الذي لا يموت، ومن نفسي بيده، وكل إسم مختص به.

ولا يقبل قوله: لم أرد به اليمين.

اه.

والقسم الثاني: تنعقد به اليمين ما لم يرد به غير الله بأن أراده، أو أطلق لانصرافه عند الاطلاق إليه تعالى لكونه غالبا فيه، فإن أراد به غيره لم تنعقد اليمين لانه يطلق على غيره: كرحيم القلب، وخالق الافك، ورازق الجيش، ورب الابل، فيقبل هنا إرادة غيره تعالى كما يقبل إرادة غير اليمين.

والقسم الثالث: تنعقد به اليمين إن أراده تعالى بخلاف ما إذا أراد به غيره، أو أطلق لانه لما أطلق عليه وعلى غيره سواء أشبه الكنايات فلا يكون يمينا إلا بالنية.

(قوله: أو صفة من صفاته) أي الذاتية كما في التحفة والنهاية وشرح التحرير، وكتب الرشيدي ما نصه: قوله: الذاتية.

أخرج الفعلية كالخلق والرزق فلا تنعقد بها - كما صرح به الرافعي - وأخرج السلبية ككونه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، لكن بحث الزركشي الانعقاد بهذه لانها قديمة متعلقة به تعالى.

اه.

وكتب ش ق ما نصه: ليس المراد بها - أي بالذاتية - خصوص صفات المعاني السبعة المذكورة في الكلام، بل المراد ما يشملها وغيرها من كل ما قام بالذات كالعظمة.

ومثلها الصفات السلبية على المعتمد كعدم الجسمية، وكالقدم، والبقاء، وكذا الاضافية كالازلية، والقبلية للعالم، بخلاف الصفات الفعلية كالخلق والرزق والاحياء والاماتة، فلا ينعقد بها اليمين وإن نوى، خلافا للحنفية.

اه.

قال في شرح الروض: والفرق بين صفتي الذات والفعل أن الاولى ما استحقه في الازل، والثانية ما استحقه فيما لا يزال دون الازل يقال علم في الازل، ولا يقال رزق في الازل إلا توسعا.

اه.

(قوله: كوالله) هو وما بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>