للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح مسلم عن أكثر الاصحاب الكراهة، وهو المعتد، وإن كان الدليل ظاهرا في الاثم.

قال بعضهم وهو الذي ينبغي العمل به في غالب الاعصار لقصد غالبهم به إعظام المخلوق به ومضاهاته لله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وإذا حلف بما ينعقد به اليمين ثم قال لم أرد به اليمين لم يقبل، ولو قال بعد يمينه إن شاء الله وقصد اللفظ والاستثناء قبل فراغ اليمين واتصل الاستثناء بها لم تنعقد اليمين فلا حنث ولا كفارة.

وإن لم يتلفظ بالاستثناء بل نواه لم يندفع الحنث ولا الكفارة ظاهرا بل يدين.

ولو قال لغيره أقسمت عليك بالله

ــ

عدم قصد ما مر.

(قوله: وهو المعتمد) أي القول بالكراهة المعتمد.

وفي التحفة قال ابن الصلاح، يكره بما له حرمة شرعا كالنبي، ويحرم بما لا حرمة له كالطلاق.

وذكر الماوردي أن للمحتسب التحليف بالطلاق دون القاضي، بل يعزله الامام إن فعله.

وفي خبر ضعيف: ما حلف بالطلاق مؤمن، ولا استحلف به إلا منافق.

اه.

(قوله: وان كان إلخ) غاية في كون القول بالكراهة هو المعتمد.

(قوله: قال بعضهم وهو) أي القول بالاثم.

(قوله: لقصد غالبهم) أي الحالفين بغير الله (وقوله: إعظام المخلوق به) أي باليمين.

(وقوله: ومضاهاته) أي المخلوق: أي مشابهته لله.

وفيه أنهم إن قصدوا المضاهاة يكفرون لاثباتهم الشركة ولا يأثمون فقط.

فتأمل.

(قوله: تعالى الله) أي تنزه الله وتباعد.

(وقوله: عن ذلك) أي عن كون أحد يضاهيه، أو يعظم كتعظيمه.

(وقوله: علوا) أي تعاليا، فوضع إسم المصدر في موضع المصدر مثل: * (والله أنبتكم من الارض نباتا) *.

(وقوله: كبيرا) صفة لعلوا، وفيها تمام المبالغة في النزاهة.

(قوله: وإذا حلف بما ينعقد به اليمين) أي مما مر في كلامه من اسم خاص به تعالى أو صفة من صفاته.

(وقوله: ثم قال لم أرد به اليمين لم يقبل) وهذه العبارة مساوية لعبارة المنهاج، وقد علمت عن فتح الجواد أنه قيل إنها سبق قلم، وكذلك قاله شيخ الاسلام ونص عبارة المنهج مع شرحه له: إلا أن يريد به غير اليمين فليس بيمين، فيقبل منه ذلك - كما في الروضة وأصلها - ثم قال: فقول الاصل ولا يقبل قوله، لم أرد به اليمين مؤول أو سبق قلم.

اه.

(قوله: ولو قال بعد يمينه إن شاء الله) مثل الإثبات النفي، كإن لم يشأ الله، ومثل مشيئة الله مشيئة الملائكة لا مشيئة الآدميين كما مر في باب الطلاق.

(قوله: وقصد اللفظ الخ) فيه أنه لا يشترط قصد اللفظ قبل فراغ اليمين، بل الشرط قبله قصد الاستثناء.

أي التعليق.

وعبارة الروض وشرحه: ويشترط التلفظ بالاستثناء وقصده قبل فراغ اليمين واتصاله بها.

اه.

(قوله: واتصل الاستثناء بها) أي باليمين اتصالا عرفيا لا حقيقيا، لأنه لا يضر الفصل بسكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت.

(قوله: لم تنعقد اليمين) جواب لو، وإنما لم تنعقد لعدم العلم بوقوع المعلق عليه، لان مشيئته تعالى وما ألحق بها غير معلومة لنا،

وقيل تنعقد لكن مع عدم المؤاخذة بها.

(قوله: فلا حنث ولا كفارة) تفريع على عدم انعقاد اليمين.

(قوله: وإن لم يتلفظ بالاستثناء) أي أو تلفظ به ولكن لم يقصد الاستثناء بأن سبق لسانه إليه، أو قصد التبرك، أو أن كل شئ بمشيئة الله، أو لم يعلم هل قصد التعليق أم لا، أو أطلق.

(قوله: لم يندفع إلخ) جواب أن.

(وقوله: الحنث) بكسر الحاء: أي إثم حلف اليمين بفعل المحلوف عليه كأن قال والله لا أكلم زيدا فكلمه.

قال في القاموس: الحنث - بالكسر - الاثم والحلف في اليمين، والميل من باطل إلى حق وعكسه.

اه.

وقال في المصباح: حنث في يمينه يحنث حنثا إذا لم يف بموجبها فهو حانث، وحنثته - بالتشديد - جعلته حانثا، والحنث الذنب، وتحنث إذا فعل ما يخرج به عن الحنث.

قال ابن فارس: والتحنث التعبد.

ومنه: كان - صلى الله عليه وسلم - يتحنث في غار حرام.

اه.

(قوله: بل يدين) - بضم ياء المضارعة وفتح الدال وتشديد الياء المفتوحة -: أي يعمل باطنا بما نواه وقصده، فإن قصد قبل فراغ اليمين الاستثناء لم تنعقد باطنا وإن لم يقصد ذلك انعقدت.

(قوله: ولو قال لغيره أقسمت عليك) أي أو أقسم عليك.

وفي البجيرمي: لو حذف لفظ عليك فيمين لا يجري فيها تفصيل.

اه.

(قوله: أو أسألك بالله) قال ع ش: وكذا لو قال بالله لا تفعلن كذا من غير ذكر


(١) سورة نوح، الاية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>