فأنت حر أو أعتقتك بعد موتي وكذا إذا مت فأنت حرام أو مسيب مع نية (فهو مدبر يعتق بعد وفاته) من ثلث ماله بعد الدين (وبطل) أي التدبير (بنحو بيع) للمدبر فلا يعود وإن ملكه ثانيا ويصح بيعه (لا برجوع) عنه (لفظا)
ــ
كأن كان معسرا، أو فرعه الموهوب له كسوبا فعلى الولي قبوله، ويعتق على المولى لانتفاء الضرر عنه.
وحصول الكمال لاصله أو فرعه وإن لزمته نفقته، فليس للولي قبوله، ولا يصح لو قبل، لحصول الضرر للمولى.
(قوله: ومن قال لعبده أنت حر بعد موتي إلخ) شروع في بيان أحكام التدبير من كون المدبر يعتق بعد وفاة سيده من ثلث ماله، وجواز بيعه في حياته وغير ذلك، وقد أفرده الفقهاء بترجمة مستقلة، والتدبير لغة النظر في العواقب والتأمل فيها، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: التدبير نصف المعيشة.
وشرعا: تعليق المالك عتق رقيقه بموته وسمي بذلك لأن السيد دبر نفسه في الدنيا بإستخدام الرقيق، وفي الآخرة بعتقه.
والأصل فيه قبل الاجماع خبر الصحيحين: أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين كان عليه.
فتقريره - صلى الله عليه وسلم - له حيث لم ينكر عليه يدل على جوازه، ولا ينافي ذلك بيعه لان ذلك يدل على جواز الرجوع عنه بالبيع ونحوه.
وأركانه ثلاثة مدبر وهو المالك، ومدبر - بفتح الباء - وهو الرقيق، وصيغة، وكلها تعلم من كلامه، ضمنا.
وشرط في الأول: بلوغ وعقل واختيار، فلا يصح من صبي ومجنون ومكره، ويصح من سفيه ومفلس ومبعض وسكران لانه
مكلف حكما، وكافر ولو حربيا، وأما المرتد فتدبيره موقوف، فإن أسلم بانت صحته، وإن مات مرتدا بان بطلانه.
وللحربي حمل مدبره الكافر الاصلي إلى دار الحرب بخلاف المسلم والمرتد، لبقاء علقة الإسلام فيه وشرط في الثاني كونه غير أم ولد، فلا يصح تدبير أم الولد لانها تستحق العتق بجهة أخرى أقوى من التدبير، فإنها تعتق من رأس المال، والمدبر يعتق من الثلث.
وشرط في الثالث: وهو الصيغة لفظ يشعر بالتدبير، أو كتابة بالنية، أو إشارة أخرس مفهمة.
واللفظ إما صريح وهو ما لا يحتمل غير التدبير كقوله: إذا مت فأنت حر كما سيذكره، وكقوله: دبرتك، أو أنت مدبر، وإن لم يقل بعد موتي، وإما كناية وهي ما يحتمل التدبير وغيره كخليت سبيلك، أو حبستك بعد موتي فيهما، وكقوله إذا مت فأنت حرام، أو مسيب.
(قوله: أو أعتقتك بعد موتي) أي أو حررتك، أو أنت حر بعد موتي، ولا بد من التلفظ ببعد موتي وإلا عتق حالا.
(قوله: وكذا إذا مت) أي ومثل أنت حر بعد موتي الخ إذا مت فأنت حرام أو مسيب، لكن في هاتين الصورتين لا بد من نية التدبير لانهما من الكناية، كما أفاده بقوله مع نية.
(قوله: فهو مدبر) جواب من إن كانت شرطية، وخبرها إن كانت موصولة.
(قوله: يعتق بعد وفاته الخ) أي وحكم المدبر أنه يعتق كله بعد وفاة السيد من ثلث ماله، وإن وقع التدبير في الصحة.
ومحل كونه يعتق كله إن خرج كله من الثلث، فإن لم يخرج كله من الثلث عتق منه بقدر ما خرج من الثلث كالنصف إن لم تجز الورثة ما زاد على الثلث، فإ أجازوا عتق كله، والحيلة في عتق الجميع وإن لم يخرج من الثلث، وإن لم يكن هناك مال سواه أن يقول في حال صحته: إن مرضت فهذا الرقيق حر قبل مرض موتي بيوم، وإن مت فجأة فهو حر قبل موتي بيوم، فإذا مات بعد التعليقين بأكثر من يوم عتق من رأس المال، ولا سبيل لاحد عليه، لكن ليس هذا من التدبير كما هو ظاهر.
(وقوله: بعد الدين) أي محل كونه يعتق من الثلث بعد وفاء الدين، فإن استغرق الدين التركة لا يعتق منه شئ.
(قوله: وبطل أي التدبير بنحو بيع) أي من كل مزيل للملك كالوقف والهبة المقبوضة، وجعله صداقا، وبطل بإيلاد لمدبرته أيضا، لانه أقوى من التدبير، بدليل أنه لا يعتبر من الثلث ولا يمنع منه الدين.
(قوله: فلا يعود) أي إلى التدبير.
(وقوله: وإن ملكه) لا معنى للغاية، فلو حذف الواو وجعله قيدا لما قبله لكان أولى.
وعبارة متن المنهاج: فلو باعه ثم ملكه لم يعد التدبير على المذهب.
اه.
وإنما لم يعد التدبير حينئذ، لأن الزائل العائد هنا كالذي لم يعد.
(قوله: ويصح بيعه) أي المدبر، لانه - صلى الله عليه وسلم - باع المدبر كما مر في حديث الصحيحين السابق.
ويشترط أن يكون البائع له جائز التصرف، وخرج غيره كالسفيه، فإنه لا يصح بيعه وإن صح تدبيره، ومثل البيع سائر التصرفات فتصح منه فيه، ولعل
الشارح اقتصر على البيع لانه الوارد في الحديث، ويقاس غيره عليه.
(قوله: لا برجوع إلخ) أي لا يبطل التدبير بالرجوع