للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن طلبها الرقيق كالتدبير (بطلب عبد أمين مكتسب) بما يفي مؤنته ونجومه فإن فقدت الشروط أو أحدها فمباحة (وشرط في صحتها لفظ يشعر بها) أي بالكتابة (إيجابا ككاتبتك) أو أنت مكاتب (على كذا) كمائة (منجما مع)

ــ

لانها لو كانت حاملا به حين التدبير كان مدبرا تبعا لها كما مر.

(قوله: الكتابة إلخ) شروع في بيان أحكام الكتابة كاستحبابها إذا سألها العبد وكان أمينا مكتسبا، ولزومها من جهة السيد، وجوازها من جهة المكاتب.

وقد أفردها الفقهاء بترجمة مستقلة.

والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: * (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) *.

أي أمانة وكسبا، كما فسره الشافعي رضي الله عنه بذلك.

وخبر: من أعان غارما، أو غازيا، أو مكاتبا في فك رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وخبر: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.

رواه أبو داود وغيره.

والحاجة داعية إليها لان السيد قد لا تسمح نفسه بالعتق مجانا، والعبد لا يتشمر للكسب تشمره إذا علق عتقه بالتحصيل والاداء، ولفظها إسلامي لم يعرف في الجاهلية.

وأركانها أربعة: مكاتب - بكسر التاء الفوقية - وهو السيد، ومكاتب - بفتح التاء - وهو الرقيق، وعوض، وصيغة.

وشرط في الاول كونه مختارا أهل تبرع وولاء، لان الكتابة تبرع وآيلة للولاء، فتصح من كافر أصلي وسكران، لا من مكره، ولا من صبي ومجنون، ومحجور سفه أو فلس، ولا من أوليائهم، ولا من مبعض ومكاتب وإن أذن له سيده لانهما ليسا أهلا للولاء، ولا من مرتد لان ملكه موقوف، والعقود لا توقف على الجديد.

وشرط الثاني اختيار وتكليف، وأن لا

يتعلق به حق لازم، بخلاف المكره والصبي والمجنون كسائر عقودهم، ومن تعلق به حق لازم لانه إما معرض للبيع كالمرهون، والكتابة تمنع منه.

أو مستحق المنفعة كالمؤجر فلا يتفرع لاكتساب ما يوفي به النجوم.

وشرط في الثالث أن يكون مالا معلوما ولو منفعة في الذمة مؤجلا إلى أجل معلوم منجما بنجمين فأكثر.

وشرط في الرابع - وهو الصيغة - أن يكون لفظا يشعر بالكتابة، أو كتابة، أو إشارة أخرس مفهمة.

واللفظ إما إيجاب كقوله: كاتبتك، أو أنت مكاتب على دينارين تدفعهما إلي في شهرين، فإذا أديتهما إلي فأنت حر، وإما قبول كقول العبد قبلت ذلك.

وسيذكر المؤلف بعض هذه الاركان معنونا عنه بلفظ الشرط، وبقيتها تؤخذ من كلامه ضمنا.

(قوله: شرعا عقد إلخ) أي وأما لغة: فهي الضم والجمع، وسمي المعنى الشرعي بها لان فيه ضم نجم إلى نجم، وللعرف الجاري بكتابة ما تضمنه العقد في كتاب.

(قوله: بلفظها) أي الكتابة.

(قوله: معلق) بالجر صفة لعتق.

(وقوله: بمال) أي بأدائه.

(قوله: منجم بنجمين) أي مؤقتا بوقتين، ويطلق النجم على القدر الذي يؤدي في وقت معين.

(قوله: وهي) أي الكتابة.

(وقوله: سنة) أي بالشروط الآتية.

(قوله: لا واجبة) صرح به مع علمه مما قبله توطئة للغاية بعده.

(قوله: وإن طلبها الرقيق) غاية لعدم الوجوب لا للسنية، وهي للرد على من قال بوجوبها إذا طلبها الرقيق تمسكا بقوله تعالى: * (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم) * الآية، فحمل الامر على الوجوب، والجمهور حملوه على الندب قياسا على التدبير وشراء القريب الذي يعتق عليه ونحو ذلك، فلا تجب الكتابة وإن سألها الرقيق لئلا يتعطل أثر الملك وتستحكم المماليك على الملاك.

(قوله: كالتدبير) أي قياسا على التدبير في عدم وجوبه: أي ونحوه مما مر آنفا.

(قوله: بطلب الخ) ذكر للسنية قيودا ثلاثة: وهي الطلب، والامانة، والاكتساب، فإن فقد واحد منها كانت مباحة كما سيذكره.

وقال بعضهم: الطلب ليس قيدا للاستحباب وإنما هو قيد لتأكدها، فإن لم يطلبها فهي مسنونة من غير تأكد، بخلاف الشرطين فهما للاستحباب، فإن فقد أحدهما كانت مباحة.

(وقوله: عبد) المراد به الرقيق ولو أنثى.

(وقوله: أمين) أي فيما يكسبه بحيث لا يضيعه في معصية، فالمدار على كونه لا يضيع المال وإن لم يكن عدلا في دينه لترك صلاة ونحوها، وإنما اعتبرت الامانة في ذلك لئلا يضيع ما يحصله فلا يعتق.

(وقوله: مكتسب بما يفي مؤنته ونجومه) أي قادر على كسب ما يفي بذلك، وإنما اعتبرت القدرة على ذلك ليوثق بتحصيل النجوم.

(قوله: وشرط في


(١) سورة النور، الاية: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>