للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل لو حكم به قاض نقض على ما حكاه الروياني عن الاصحاب وتصح كتابتها وبيعها من نفسها ولو ادعى ورثة سيدها مالا له بيدها قبل موته فادعت تلفه أي قبل الموت صدقت بيمينها كما نقله الاذرعي فإن ادعت تلفه بعده لم تصدق فيه كما قاله شيخنا رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأفتى القاضي فيمن أقر بوطئ أمته فادعت أنها أسقطت منه ما تصير به أم ولد بأنها تصدق إن أمكن ذلك بيمينها فإذا مات عتقت أعتقنا الله تعالى من النار،

ــ

تمليكها لغيره كما صرح به فيما قبل.

(قوله: بل لو حكم به) أي بالتمليك، أي صحته في الام وولدها التابع لها.

(وقوله: نقض) أي لمخالفته الاجماع، وما وقع الخلاف بين أهل القرن الاول فقد انقطع وانعقد الاجماع على منع التمليك.

(قوله: وتصح كتابتها) أي أم الولد لما علمت من بقاء ملكه عليها.

(قوله: وبيعها من نفسها) أي ويصح على نفسها لانه عقد عتاقة، وكبيعها من نفسها هبتها لها وقرضها لنفسها، ويجب عليها في صورة القرض رد مثلها الصوري وهو جارية مثلها، فالبيع لها ليس بقيد.

(قوله: ولو ادعى ورثة سيدها) أي على المستولدة.

(وقوله: مالا له) أي لسيدها.

(قوله: بيدها قبل موته) أي كائنا ذلك المال تحت يدها من قبل موت السيد.

(قوله: فادعت تلفه) أي فأقرت به وادعت أنه تلف قبل الموت.

(قوله: صدقت بيمينها) أي لان يدها عليه قبل الموت يد أمانة.

(قوله: فإن ادعت تلفه بعده) أي بعد الموت.

(قوله: لم تصدق فيه) أي في التلف، لان يدها عليه حينئذ يد ضمان، لانه ملك الغير وهي حرة.

اه.

تحفة.

(قوله: فيمن أقر بوطئ أمته) مفهومه أنه إذا أنكر لا تصدق.

(قوله: فادعت الخ) أي وأنكر هو ما ادعته: (وقوله: أسقطت منه ما تصير به أم ولد) أي كمضغة تصورت.

(قوله: بأنها تصدق) متعلق بأفتى.

قال في النهاية: وفي فروع ابن القطان: لو قالت الامة التي وطئها السيد ألقيت سقطا صرت به أم ولد، فأنكر السيد إلقاءها ذلك، فمن المصدق، وجهان: قال الأذرعي: الظاهر أن القول قول السيد لأن الأصل معه، لاسيما إذا أنكر الاسقاط والعلوق مطلقا.

وفيما إذا اعترف بالحمل احتمال، والاقرب تصديقه أيضا إلا أن تمضي مدة لا يبقى الحمل منتسبا إليها.

اه.

(قوله: إن أمكن ذلك) أي سقوط حمل منها تصير به أم ولد، بأن أسقطته بعد مضي مائة وعشرين يوما من الوطئ.

(قوله: بيمينها) متعلق بتصدق.

(قوله: فإذا مات عتقت) أي فإذا صدقناها بيمينها ومات السيد عتقت بموته.

(قوله: أعتقنا الله تعالى) هذه الجملة دعائية، فهي خبرية لفظا إنشائية معنى.

ثم أنه يحتمل أن الشارح قصد نفسه فقط مع تعظيمها إظهارا لتعظيم الله له حيث أهله للعلم، فيكون من باب التحدث بالنعمة.

قال الله تعالى: * (وأما بنعمة ربك فحدث) *.

ولا ينافيه أن مقام الدعاء يقتضي الذلة والخضوع، لان الشخص إذا نظر لنفسه احتقرها بالنسبة لعظمة الله تعالى، وإذا نظر لتعظيم الله له عظمها.

ويحتمل أنه أراد به نفسه وإخوانه المسلمين، وهو أولى لأن الدعاء مع التعميم أقرب إلى القبول، وجميع ما ذكر يجري في الجملتين بعد.

ثم إن المراد بالعتق هنا الخلاص، فمعنى أعتقنا الله خلصنا الله، وليس المراد حقيقته التي هي إزالة الملك عن الآدمي، فيكون في الكلام استعارة تبعية، وتقريرها أن تقول شبه تخليص الله له من النار بمعنى العتق بجامع إزالة الضرر وحصول النفع في كل، واستعير العتق من معناه الاصلي لتخليص الله له من النار.

ولا تخفى مناسبة هذا الدعاء هنا على بصير، وفيه إشارة إلى أنه خلص من تأليف هذا الشرح المبارك العميم النفع ففيه من المحسنات البديعية براعة المقطع.

وتسمى حسن الختام، وهي الاتيان في أواخر حسن ابتدائي به أرجو الكلام نظما أو نثرا بما يدل على التمام كقول بعضهم التلخص من نار الجحيم وهذا حسن مختتمي (قوله: من النار) هي جرم لطيف نوري علوي، وهي في الأصل اسم لبعيدة القعر - كما في القاموس - والمراد بها دار العذاب بجميع طبقاتها السبع التي أعلاها جهنم وتحتها لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية،


(١) سورة الضحى، الاية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>