فاتت الجماعة فيه بالتأخير في رمضان، لخبر الشيخين: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا.
وتأخيره عن صلاة
الليل الواقعة فيه، ولمن لم يثق بها أن يعجله قبل النوم.
ولا يندب إعادته.
ثم إن فعل الوتر بعد النوم حصل له به سنة التهجد أيضا وإلا كان وترا لا تهجدا.
وقيل: الاولى أن يوتر قبل أن ينام مطلقا، ثم يقوم ويتهجد، لقول أبي هريرة رضي الله عنه: أمرني رسول الله (ص) أن أوتر قبل أن أنام.
رواه الشيخان.
وقد كان أبو بكر رضي عنه يوتر قبل أن ينام ثم يقوم ويتهجد، وعمر رضي الله عنه ينام قبل أن يوتر ويقوم ويتهجد ويوتر.
فترافعا إلى رسول الله (ص) فقال: هذا أخذ بالحزم - يعني أبا بكر - وهذا أخذ بالقوة - يعني عمر -.
وقد روي عن عثمان مثل فعل أبي بكر، وعن علي مثل فعل عمر، رضي الله عنهم.
قال في الوسيط: واختار الشافعي فعل أبي بكر رضي الله عنه.
وأما الركعتان اللتان يصليهما الناس جلوسا بعد الوتر فليستا من السنة، كما صرح به الجوجري والشيخ زكريا.
قال في المجموع: ولا تغتر بمن يعتقد سنية ذلك ويدعو إليه لجهالته.
ــ
فاتت إلخ) غاية لسنية تأخيره.
وقوله: فيه أي في الوتر.
وقوله: بالتأخير الباء سببية متعلق بفاتت.
(قوله: لخبر الشيخين إلخ) دليل لسنية تأخيره إلخ.
ولو أخره عن قوله: وتأخيره إلخ، وجعله دليلا له لكان أولى.
(قوله: وتأخيره عن صلاة الليل) معطوف على أن يؤخر، أي ويسن تأخيره عن صلاة ليل من نحو راتبة أو تراويح أو تهجد، وهو صلاة بعد النوم أو فائتة أراد قضاءها ليلا.
(قوله: ولمن لم يثق بها) أي باليقظة.
وقوله: أن يعجله أي لخبر مسلم: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل.
(قوله: ولا يندب إعادته) أي لا تطلب إعادته، فإن أعاده بنية الوتر عامدا عالما حرم عليه ذلك، ولم ينعقد لخبر: لا وتران في ليلة.
اه نهاية.
ومثله في التحفة.
(قوله: ثم إن فعل الخ) أي ثم إن أخره وفعله بعد النوم حصل له بالوتر سنة التهجد، لما مر من أن التهجد هو الصلاة بعد النوم.
(قوله: وإن كان وترا) أي وإن لم يفعله بعد النوم بل فعله قبله كان وترا لا تهجدا، فليس كل وتر تهجدا كعكسه، فبينهما العموم والخصوص الوجهي، فيجتمعان في صلاة بعد النوم بنية الوتر، وينفرد الوتر بصلاة قبل النوم، والتهجد بصلاة بعده من غير نية الوتر.
(قوله: وقيل الأولى إلخ) مقابل للقول بالتفصيل بين الوثوق باليقظة وعدمه.
(قوله: مطلقا) أي سواء وثق بيقظته أم لا.
(قوله: ثم يقوم) أي من النوم.
(قوله: لقول أبي هريرة الخ) دليل لكون الأولى الإيتار قبل النوم.
(قوله: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلخ) الذي في الأسنى والمغنى والإحياء ومختصر ابن أبي جمرة: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.
فلعل ما ذكره الشارح رواية بالمعنى.
وحملوا الخبر المذكور على من لم يثق بيقظته آخر الليل، جمعا بين الأخبار.
قال بعضهم: ويمكن حمله أيضا على النومة الثانية آخر الليل المأخوذة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: أفضل القيام قيام داود.
كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه.
أي فقوله أن أوتر قبل أن أنام، أي النومة الثانية لا الأولى.
(قوله: وقد كان أبو بكر رضي الله عنه الخ) شروع في بيان اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في تقديمه قبل النوم وتأخيره بعده.
فأبو بكر رضي الله عنه عمل بالأول وتبعه جمع من الصحابة وغيرهم، وسيدنا عمر رضي الله عنه عمل بالثاني وتبعه جمع من الصحابة وغيرهم، ولكل وجهة.
(قوله: فترافعا) أي سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما.
(قوله: فقال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: هذا الخ أي فأقرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وصوب فعل كل منهما.
وقال مشيرا لأبي بكر: هذا أخذ بالحزم أي بالاحتياط والإتقان، ومشيرا إلى سيدنا
عمر: هذا أخذ بالقوة.
قال في الإحياء: فالأكياس يأخذون أوقاتهم من أول الليل، والأقوياء من آخره.
والحزم التقديم له، فإنه ربما لا يستيقظ أو يثقل عليه القيام، إلا إذا صار ذلك عادة له فآخر الليل أفضل.
اه.
(قوله: فليستا) أي