للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغسل الكافر إذا أسلم - للامر به - ولم يجب، لان كثيرين أسلموا ولم يؤمروا به.

وهذا إذا لم يعرض له في الكفر ما يوجب الغسل - من جنابة أو نحوها - وإلا وجب الغسل.

وإن اغتسل في الكفر، لبطلان نيته.

وآكدها غسل الجمعة ثم من غسل الميت.

(تنبيه) قال شيخنا: يسن قضاء غسل الجمعة - كسائر الاغسال المسنونة - وإنما طلب قضاؤه لانه إذا علم

ــ

والمشقة - كما في النهاية.

(قوله: ولحجامة) معطوف على للاعتكاف أيضا، أي ومن الأغسال المسنونة: الغسل للحجامة، أي بعدها.

ومثلها الفصد.

ولو قال ولنحو حجامة لكان أولى.

والحكمة في سن الغسل لذلك أنه يضعف البدن، والغسل يشده ويقويه.

(قوله: ولتغير الجسد) معطوف أيضا على للاعتكاف، أي ومن الأغسال المسنونة: الغسل عند تغير الجسد، إزالة للرائحة الكريهة.

(قوله: وغسل الخ) معطوف أيضا على غسل العيدين، أي ومن الأغسال المسنونة: الغسل للكافر بعد إسلامه.

وتسميته كافرا بعده باعتبار ما كان.

ولو قال والغسل لإسلام كافر لسلم من ارتكاب التجوز.

ووقته يدخل بالإسلام، ويفوت بطول الزمن أو بالإعراض عنه.

وشمل الكافر إذا أسلم: المرتد.

ولا فرق بين من أسلم استقلالا، ومن أسلم تبعا لأحد أصوله.

أو للسابي، فيأمره الولي بالغسل إن كان مميزا، وإلا غسله.

وكذا السابي المسلم، يأمر مسبيه بذلك.

ويسن له - ولو أنثى - إزالة شعره قبل الغسل إن لم يحدث في كفره حدثا أكبر، وإلا فبعده.

ويستثنى من ذلك نحو لحية رجل - كحاجب - فلا يسن إزالته.

ولا يسن حلق الرأس إلا في الكافر إذا أسلم، وفي المولود، وفي النسك.

وقد حلق - صلى الله عليه وسلم - رأسه أربع مرات في النسك، الأولى في عمرة الحديبية.

والثانية في عمرة القضاء.

والثالثة في الجعرانة.

والرابعة في حجة الوداع.

كما نقل عن الحافظ السخاوي.

وحلق الرأس في غير ذلك مباح، وقيل: بدعة حسنة.

(قوله: للأمر به) أي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قيس بن عاصم بالغسل لما أسلم.

رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه.

(قوله: ولم يجب) أي الغسل.

فالأمر به محمول على الندب.

(قوله: لأن كثيرين أسلموا) أي ولأن الإسلام ترك معصية، فلم يجب معه غسل، كالتوبة من سائر المعاصي، فإنه لا يجب لها غسل، بل يسن.

(قوله: وهذا الخ) أي ما ذكر من سنية الغسل للإسلام، محله إذا لم يعرض له في حال كفره ما يوجب الغسل كالجنابة، والحيض، والنفاس، كأن بلغ بالسن وأسلم عقب بلوغه.

(وقوله: وإلا) أي بأن عرض له ذلك في حال كفره وجب الغسل.

وظاهر صنيعه أنه لا يطلب الغسل المندوب مع الغسل الواجب عند الجنابة أو الحيض، وليس كذلك، فيجتمع عليه غسلان: أحدهما مندوب، والآخر واجب.

ويحصلان بغسل واحد إن نواهما به، فإن نوى أحدهما حصل فقط، فلا تكفي نية الواجب عن المندوب، ولا عكسه، وإنما لم يسقط عنه غسل نحو الجنابة بالإسلام كالصلاة لقلة المشقة فيه بعدم تعدده،

بخلافها، فإن شأنها ذلك، حتى لو أسلم وعليه نحو صلاة واحدة لم يؤمر بقضائها.

فقوله تعالى: * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (١) محمول على ما يشق قضاؤه، ولأن إيجاب الغسل عليه ليس مؤاخذة له بما وجب في كفره، بل بما هو حاصل في الإسلام، وهو كونه جنبا.

(قوله: إن اغتسل في الكفر) غاية في وجوب الغسل.

(وقوله: لبطلان نيته) أي الواقعة حال كفره، إذ شرط الاعتداد بها الإسلام.

(قوله: وآكدها غسل الجمعة) أي وآكد الأغسال غسل الجمعة، وذلك لأنه قيل بوجوبه، مع كثرة أحاديثه الصحيحة.

(قوله: ثم من غسل الميت) أي ثم يلي غسل الجمعة، الغسل من غسل الميت.

وتقديم غسل الجمعة عليه هو القول القديم، والجديد بالعكس، ولكن رجح الأول، كما نص عليه في المنهاج، وعبارته: وآكدها غسل غاسل الميت، ثم الجمعة، وعكسه القديم، قلت: القديم هنا أظهر، ورجحه الأكثرون، وأحاديثه صحيحة كثيرة، وليس للجديد حديث صحيح.

والله أعلم.

اه.

ثم يلي غسل الميت ما كثرت أحاديثه، فما اختلف في وجوبه، فما صح حديثه، فما كان نفعه متعديا أو أكثر.

وكذا يقال في مسنونين دليلهما ضعيف، فيقدم منهما ما نفعه أكثر، وهذا الترتيب هو المعتمد.

ومن فوائد ذلك أنه لو أوصى بماء لأولى الناس به قدم من يستعمله للآكد، فالآكد.

(قوله: يسن قضاء غسل الجمعة كسائر الأغسال المسنونة) أي إذا فاتت عليه.

قال ع ش: وانظر بم


(١) الانفال: ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>