للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وحرم تخط) رقاب الناس، للاحاديث الصحيحة فيه، والجزم بالحرمة ما نقله الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي، واختارها في الروضة، وعليها كثيرون.

لكن قضية كلام الشيخين: الكراهة، وصرح بها في المجموع (لا لمن وجد فرجة قدامه) فله - بلا كراهة - تخطي صف واحد أو اثنين، ولا لامام لم يجد طريقا إلى المحراب إلا بتخطي، ولا لغيره إذا أذنوا له فيه لا حياء على الاوجه، ولا لمعظم ألف موضعا.

ويكره

ــ

(قوله: وحرم تخط) قال في الإحياء لما ورد فيه من الوعيد الشديد، وهو أنه يجعل جسرا يوم القيامة يتخطاه الناس.

وروى ابن جريج مرسلا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ رأى رجلا يتخطى رقاب الناس حتى تقدم فجلس فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عارض الرجل حتى لقيه، فقال: يا فلان ما منعك أن تجمع اليوم معنا؟ قال: يا نبي الله قد جمعت معكم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألم نرك تتخطى رقاب الناس؟ أشار به إلى أنه أحبط عمله.

وفي حديث مسند أنه قال: ما منعك أن تصلي معنا؟ قال: أو لم ترني يا رسول الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: رأيتك تأنيت وآذيت - أي تأخرت عن البكور وآذيت الحضور -.

ومهما كان الصف الأول متروكا خاليا فله أن يتخطى رقاب الناس لأنهم ضيعوا حقهم، وتركوا موضع الفضيلة.

قال الحسن: تخطوا رقاب الناس الذين يقعدون على أبواب الجوامع يوم الجمعة فإنه لا حرمة لهم، وإذا لم يكن في المسجد إلا من يصلي فينبغي أن لا يسلم، لأنه تكليف جواب في غير محله.

اه.

(وقوله: رقاب الناس) أي قريبا منها، وهو المناكب.

والمراد بالرقاب الجنس، فيشمل تخطي رقبة أو رقبتين.

قال ع ش: ويؤخذ من التعبير

بالرقاب أن المراد بالتخطي: أن يرفع رجله بحيث يحاذي في تخطيه أعلى منكب الجالس.

وعليه: فما يقع من المرور بين الناس ليصل إلى نحو الصف الأول ليس من التخطي، بل من خرق الصفوف، إن لم يكن ثم فرج في الصفوف يمشي فيها.

اه.

ومن التخطي المحرم ما جرت به العادة من التخطي لتفرقة الأجزاء، أو تبخير المسجد، أو سقي الماء، أو السؤال لمن يقرأ في المسجد.

(قوله: للأحاديث الصحيحة فيه) أي في حرمة التخطي، أي الدالة على حرمته، لما فيها من الوعيد الشديد.

(قوله: والجزم بالحرمة إلخ) ضعيف.

(قوله: واختارها) أي الحرمة.

(قوله: لكن قضية إلخ) معتمد.

(وقوله: الكراهة) أي التنزيهية.

قال ع ش: قال سم: على منهج (فإن قلت): ما وجه ترجيح الكراهة على الحرمة، مع أن الإيذاء حرام، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: اجلس فقد آذيت ... (قلت): ليس كل إيذاء حراما، وللمتخطي هنا غرض، فإن التقدم أفضل.

اه.

(قوله: لا لمن الخ) أي لا يحرم التخطي لمن وجد إلخ.

(وقوله: فرجة) بضم الفاء وفتحها، قال البرماوي: وهي خلاء ظاهر، أقله ما يسع واقفا.

وخرج بها السعة، فلا يتخطى إليها مطلقا.

اه.

(قوله: فله) أي لمن وجد فرجة.

(وقوله: تخطي صف واحد أو اثنين) أي رجل أو رجلين، ولو من صف واحد، لا أكثر منهما.

ومثال تخطي الرجل فقط، ما إذا كان في آخر الصف بجنب الحائط فإن زاد على الصفين ورجا أن يتقدموا إليها إذا أقيمت الصلاة، كره لكثرة الأذى، فإن لم يرج ذلك فلا كراهة، وإن كثرت الصفوف.

وكذلك إذا قامت الصلاة ولم يسدوها فيخرقها وإن كثرت.

وفي البجيرمي: وحاصل المعتمد أنه إذا وجد فرجة لا يكره التخطي مطلقا أي سواء كانت قريبة أو بعيدة رجا تقدم أحد إليها أم لا.

وأما اسحباب تركه فإذا وجد موضعا اسحب ذلك، وإلا فإن رجا انسدادها فكذلك، وإلا فلا يستحب تركها.

اه.

(قوله: ولا لإمام) معطوف على لمن وجد فرجة، أي ولا يحرم التخطي لإمام لاضطراره إليه.

(وقوله: لم يجد طريقا إلى المحراب) أي أو المنبر، فإن وجد طريقا يبلغ بها بدون التخطي كره.

(قوله: ولا لغيره) معطوف أيضا على لمن وجد، أي ولا يحرم التخطي لغير الإمام.

(وقوله: إذا أذنوا) أي الحاضرون.

قال في المغنى: ولا يكره لهم الإذن والرضا بإدخالهم الضرر على أنفسهم، لكن يلزمهم من جهة أخرى، وهو أن الإيثار بالقرب مكروه.

اه.

(وقوله: فيه) أي في التخطي.

(وقوله: لا حياء) خرج به ما إذا أذنوا له حياء منه، فيحرم التخطي، أو يكره.

(قوله: ولا لمعظم) معطوف أيضا على لمن وجد.

أي ولا يحرم التخطي لمعظم، أي في النفوس.

قال في التحفة: وقيده الأذرعي بمن ظهر صلاحه وولايته ليتبرك الناس به.

(قوله: ألف موضعا) قال ع ش: أي أو لم يألف.

اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>