مجاوزة بساتين وإن حوطت واتصلت بالبلد، والقريتان إن اتصلتا عرفا كقرية، وإن اختلفتا اسما، فلو انفصلتا - ولو يسيرا - كفى مجاوزة قرية المسافر، لا لمسافر لم يبلغ سفره مسيرة يوم وليلة بسير الاثقال مع النزول المعتاد لنحو استراحة وأكل وصلاة، ولا لآبق، ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنه، ولا لمن
ــ
بالقصر والجمع ونحوهما، فلا يجوز إلا بخروجه من البلد، وجري السفينة أو جري زورقها إليها آخر مرة، وإلا فمتى ما كان الزورق يذهب ويعود فلا يترخص من به، وإذا جرى الزورق آخر مرة إلى السفينة جاز الترخص لمن به، ولو
قبل وصوله إلى السفينة ولمن بها أيضا.
وقيد في التحفة وفي شرح بأفضل: اعتبار جري السفينة أو الزورق ببلد لا سور لها.
قال الكردي: وهو احتمال للأسنى.
وقال الخطيب: هو أوجه.
وعلى هذا فالساحل الذي له سور: العبرة بمجاوزة سوره.
والذي فيه عمران من غير سور: العبرة فيه بجري السفينة أو الزورق.
وفي شرحي الإرشاد: أنه لا فرق في ذلك بين السور والعمران، فلا بد من ركوب السفينة.
اه.
(قوله: وإن تخلله) أي البنيان.
وهو غاية في اشتراط فراق البينان، أي يشترط فراقه.
وإن وجد في خلاله - أي وسطه - خراب أو نهر أو ميدان: فالعبرة في أول السفر بمجاوزة البنيان، لا بمجاوزة ما ذكر، لأنه معدود من البنيان محسوب من موضع الإقامة.
(قوله: ولا يشترط مجاوزة بساتين) أي ولا مزارع ولا خراب هجر بالتحويط على العامر أو زرع أو اندرس بأن ذهبت أصول حيطانه، وذلك لأن ما ذكر ليس محل إقامة.
(وقوله: وإن حوطت) أي البساتين، أي حوط عليها بسور مثلا.
(وقوله: واتصلت) أي البساتين.
قال في الروض وشرحه: ولو كانت متصلة بالبلد وفيها دور يسكنها ملاكها، ولو أحيانا - أي في بعض فصول السنة - اشترط مجاوزتها.
هذا ما في الروضة، كالشرحين.
وأطلق المنهاج - كأصله - عدم اشتراطها.
وقال في المجموع بعد نقله الأول عن الرافعي: وفيه نظر.
ولم يتعرض له الجمهور.
والظاهر أنه لا يشترط مجاوزتها، لأنها ليست من البلد.
قال في المهمات: وبه الفتوى.
اه.
(قوله: والقريتان إن اتصلتا) أي ولو بعد أن كانتا منفصلتين.
(وقوله: كقرية) أي فيشترط مجاوزتهما معا، لكن إن لم يكن بينهما سور، وإلا اعتبر مجاوزته فقط.
قال سم: والحاصل من مسألة القريتين أنهما إن اتصل بنيانهما ولم يكن بينهما سور، اشترط مجاوزتهما.
وإن كان بينهما سور، اشترط مجاوزته فقط، وإن اتصل البنيان.
اه.
(قوله: وإن اختلفتا) أي القريتان.
وهو غاية في كون حكمهما حكم القرية الواحدة.
(قوله: فلو انفصلتا) أي القريتان.
(قوله: ولو يسيرا) أي ولو كان ذراعا.
كما في الإيعاب نقلا عن المجموع عن صاحب الحاوي.
واعتمد في التحفة والنهاية الضبط بالعرف، وأن قول الماوردي جري على الغالب اه.
كردي.
(قوله: كفى إلخ) جواب فلو (وقوله: مجاوزة قرية المسافر) أي فقط ولا يشترط مجاوزته القريتين (قوله: لا المسافر الخ) معطوف على المسافر سفرا طويلا، ومحترزه أنه لا يجوز القصر والجمع لمسافر سفرا قصيرا.
وهو ما بينة بقوله: لم يبلغ سفره إلخ.
(وقوله: مسيرة يوم وليلة) أي أربعة وعشرين ساعة ذهابا فقط.
(وقوله: بسير الأثقال) المراد بالأثقال: الإبل المحملة بالأثقال، أي الأحمال، على سبيل المجاز المرسل.
والعلاقة المجاورة.
(قوله: مع النزول المعتاد) متعلق بمحذوف حال من سير، أي حال كونه مصاحبا للنزول المعتاد.
(قوله: ولا لآبق الخ) هو وما بعده من أفراد محرز قيد محذوف كان الأولى التصريح به وهو أن يكون سفره غير معصية فاحترز به عما إذا كان معصية بأن يكون أنشأه معصية من أوله، ويسمى حينئذ عاصيا بالسفر.
وذلك كعبد آبق من سيده، وكمدين موسر حل الدين الذي عليه قبل سفره ولم يف به، وكمسافر لقطع الطريق.
أو يكون قلبه معصية بعد أن أنشأه طاعة، بأن قطع الطريق، أو آبق من سيده، ويسمى حينئذ عاصيا بالسفر في السفر.
فإن تاب الأول - وهو العاصي بالسفر - فأول سفره محل توبته، فإن كان الباقي طويلا في الرخصة التي يشترط فيها طول السفر - كالقصر والجمع - أو قصيرا في الرخصة التي لا يشترط فيها ذلك - كأكل الميتة للمضطر - ترخص، وإن كان الباقي قصيرا في الرخصة التي يشترط فيها طول السفر، لم يترخص.
وأما الثاني - وهو العاصي بالسفر في السفر - فإن تاب ترخص مطلقا، وإن كان الباقي قصيرا اعتبارا بأوله وآخره.
وألحق بسفر المعصية سفر من أتعب نفسه أو دابته بالركض بلا غرض شرعي، وإن كان