للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالجنة، أو فاعل، لان روحه تشهد الجنة قبل غيره.

ويطلق لفظ الشهيد على من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو شهيد الدنيا والآخرة.

وعلى من قاتل لنحو حمية، فهو شهيد الدنيا.

وعلى مقتول ظلما وغريق، وحريق، ومبطون - أي من قتله بطنه - كاستسقاء أو إسهال.

فهم الشهداء في الآخرة فقط.

(كغسله) أي الشهيد، ولو جنبا، لانه (ص) لم يغسل قتلى أحد.

ويحرم إزالة دم شهيد.

(وهو من مات في قتال كفار) أو كافر

ــ

(قوله: على شهيد) أي وتحرم الصلاة على الشهيد، لما صح أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم.

وأما خبر: أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت زاد البخاري بعد ثمان سنين فالمراد - كما في المجموع - دعا لهم كدعائه للميت، والإجماع يدل له.

(قوله: وهو) أي لفظ شهيد.

(قوله: لأنه مشهود له بالجنة) بيان الحكمة كون شهيد بمعنى مشهود.

أي وإنما كان كذلك لأنه مشهود له بالجنة.

وقيل لأنه يبعث، وله شاهد بقتله إذ يبعث، وجرحه يتفجر دما.

وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيقبضون روحه.

(قوله: أو فاعل) معطوف على مفعول، أي أو هو بوزن فعيل بمعنى فاعل فهو شهيد بمعنى شاهد.

وقوله لأن روحه إلخ.

بيان الحكمة كونه بمعنى فاعل، أي وإنما كان كذلك لأنه شاهد أي روحه تشهد الجنة قبل غيره.

(قوله: ويطلق لفظ الشهيد إلخ) الملائم والأخصر أن يعمم عند تعريف المتن للشهيد بأن يقول بعد قول المتن: وهو من مات في قتال كفار، سواء كان شهيدا في الدنيا والآخرة - وهو من قاتل لإعلاء كلمة الله تعالى - وشهيدا في الدنيا فقط - وهو من قاتل لنحو حمية - ثم يقول: وخرج بذلك شهيد الآخرة فقط - وهو من مات مقتولا ظلما - إلخ.

وقد تقدم الكلام على أقسام الشهيد أول الباب، فلا تغفل.

(قوله: لتكون كلمة الله إلخ) المراد بها كلمة التوحيد والدعوة إلى الإسلام.

(وقوله: هي العليا) أي الظاهرة الغالبة، ولا بد أن لا يصاحب ذلك رياء ولا غلول من غنيمة وغير ذلك.

(قوله: وعلى من قاتل لنحو حمية) أي لقومه، ودخل تحت لنحو: من قاتل للرياء، أو للغنيمة، أو نحو ذلك.

(قوله: فهو شهيد الدنيا) أي فتجري عليه أحكام الشهادة الدنيوية، من كونه لا يغسل ولا يصلى عليه.

(قوله: وعلى مقتول) معطوف على من قاتل الأولى، أي ويطلق لفظ الشهيد على مقتول.

(وقوله: ظلما) خرج به ما إذا كان مقتولا بحق - كأن كان لقصاص - فلا يكون شهيدا.

(قوله: وغريق) معطوف على مقتول، أي ويطلق لفظ الشهيد على غريق، أي مات غرقا في بحر أو ماء كثير.

(لطيفة) حكي أن شخصا نزل هو ومحبوبه يسبحان في البحر، فغرق محبوبه، فأشار إلى البحر وأنشد وقال:

ياماء: لك قد أتيت بضد ما * * قد قيل فيك مخبرا بعجيب؟ الله أخبر أن فيك حياتنا * * فلاي شئ مات فيك حبيبي؟ فلما قال ذلك أحياه الله تعالى، وطلع له من البحر (قوله: وحريق) أي ويطلق لفظ الشهيد على حريق، أي محروق بالنار.

(قوله: ومبطون) أي ويطلق لفظ الشهيد على مبطون.

(قوله: أي من قتله بطنه) أي داء في بطنه، وبينه بقوله: كاستسقاء أو إسهال، فإنهما دآن في البطن يكونان سببا في الهلاك غالبا.

(قوله: فهم) أي المقتول ظلما والغريق والحريق إلخ.

(وقوله: الشهداء في الآخرة فقط) أي لا في الدنيا، فتجرى عليهم أحكام غير الشهيد، من الغسل، والصلاة، وغير ذلك.

(قوله: كغسله) أي كتحريم غسله.

(وقوله: أي الشهيد) بيان لمرجع الضمير في غسله.

وإنما أرجعه للشهيد ولم يرجعه للمذكور من الكافر والشهيد، لأن غسل الأول ليس بحرام، بل هو جائز.

(قوله: ولو جنبا) أي يحرم غسله ولو كان جنبا، لأن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب، ولم يغلسه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: رأيت الملائكة تغسله.

رواه بن حبان والحاكم في صحيحهما.

(قوله: لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يغسل قتلى أحد) ولما رواه الإمام أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تغسلوهم، فإن كل جرح أو كلم أو دم يفوح مسكا يوم القيامة.

وحكمة ذلك أيضا: إبقاء أثر الشهادة عليهم، والتعظيم لهم باستغنائهم عن التطهير.

وفي ذلك حث على الجهاد الذي جبلت النفوس على الكراهة له والنفرة عنه لحبها البقاء في الدنيا.

(فإن قيل) الأنبياء والمرسلون أفضل من

<<  <  ج: ص:  >  >>