رسول الله (ص)، مردود بأن ذلك لسبب لم يوجد في غيره، وهو أن الله خيره فاختاره.
وأما الكافر فيلقنهما قطعا، مع لفظ أشهد، لوجوبه أيضا - على ما سيأتي فيه - إذ لا يصير مسلما إلا بهما.
وأن يقف جماعة بعد الدفن عند القبر ساعة يسألون له التثبيت ويستغفرون له، و (تلقين بالغ، ولو شهيدا) كما اقتضاه إطلاقهم - خلافا للزركشي
ــ
ذلك الثواب) أي هو دخول الجنة مع الفائزين.
(قوله: وبحث تلقينه) مبتدأ، خبره مردود.
(قوله: الرفيق الأعلى) قال حجر في فتاويه الحديثية.
قيل هو أعلى المنازل - كالوسيلة التي هي أعلى الجنة - فمعناه: أسألك يا الله أن تسكنني أعلى مراتب الجنة.
وقيل معناه: أريد لقاءك يا الله يا رفيق يا أعلى.
والرفيق من أسمائه تعالى، للحديث الصحيح: إن الله رفيق.
فكأنه طلب لقاء الله.
اه.
ع ش.
(قوله: لأنه آخر ما تكلم الخ) أي لأن لفظ الرفيق الأعلى آخر كلامه - صلى الله عليه وسلم -.
(قوله: مردود) أي فلو أتى به لم يحصل سنة التلقين، ويظهر أنه لا كراهة فيه.
اه.
ع ش.
(قوله: بأن ذلك) أي تكلمه - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى.
(وقوله: لم يوجد) أي السبب.
(وقوله: في غيره) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(وقوله: وهو إلخ) أي ذلك
السبب أن الله خير النبي - صلى الله عليه وسلم - بين بقائه في الدنيا وبين لحوقه بالرفيق الأعلى، فاختار الرفيق الأعلى.
(قوله: وأما الكافر إلخ) مقابل لقوله بأنه مسلم.
ولو قدمه عنده وقال: ومن ثم يلقنها الكافر الخ لكان أنسب وأولى.
وعبارة شرح الرملي: وقول الطبري - كجمع - أن زيادتها أولى، لأن المقصود موته على الإسلام، مردود بأن هذا مسلم.
ومن ثم بحث الأسنوي أنه لو كان كافرا لقن الشهادتين وأمر بهما، لخبر الغلام اليهودي، ويكون ذلك وجوبا - كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى - إن رجي إسلامه، وإلا فندبا.
اه.
وقوله: لخبر الغلام اليهودي: وهو ما رواه البخاري عن أنس.
قال: كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم.
فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم.
فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار.
(قوله: فليلقنهما) أي كلمتي التوحيد.
(وقوله: مع لفظ أشهد) أي مع تلقينه لفظ أشهد.
(وقوله: لوجوبه) أي لفظ أشهد.
(وقوله: أيضا) أي كوجوب كلمتي التوحيد.
(وقوله: على ما سيأتي فيه) أي على ما سيأتي في باب الردة من الخلاف في لفظ أشهد، هل يجب تكريره أو لا؟ وعبارته في باب الردة - أعاذنا الله منها - بعد كلام: ويؤخذ من تكريره - أي الشافعي رضي الله عنه - لفظ أشهد: أنه لا بد منه في صحة الإسلام، وهو ما يدل عليه كلام الشيخين في الكفارة وغيرها، لكن خالف فيه جمع.
وفي الأحاديث ما يدل لكل.
اه.
(قوله: إذ لا يصير الخ) تعليل لوجوب تلقينهما مع لفظ أشهد.
(وقوله: إلا بهما) أي بكلمتي التوحيد.
أي النطق بهما.
(قوله: وأن يقف جماعة الخ) معطوف على أن يلقن، أي ويندب أن يقف جماعة إلخ.
والمناسب تأخير هذا وذكره بعد قوله.
وتلقين بالغ إلخ، وإنما ندب وقوف جماعة بعد الدفن، لانه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من دفن ميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم، وأسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسئل.
(واعلم) أن السؤال عام لكل مكلف، ويكون بحسب لغته - على الصحيح - وقيل بالسرياني.
وهو - على القول به - أربع كلمات، الأولى: اتره.
الثانية: اترح.
الثالثة: كاره.
الرابعة: سالحين.
فمعنى الأولى: قم يا عبد الله إلى سؤال الملكين.
ومعنى الثانية: فيم كنت؟ ومعنى الثالثة: من ربك وما دينك؟ ومعنى الرابعة: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم وفي الخلق أجمعين؟ وقد ورد أن حفظ هذه الكلمات دليل على حسن الخاتمة.
(قوله: ساعة) أي بقدر ذبح جزور وتفرقة لحمها.
(وقوله: يسألون له التثبيت) كأن يقولوا اللهم ثبته.
فلو أتوا بغير ذلك - كالذكر على القبر - لم يكونوا آتين بالسنة وإن حصل لهم ثواب على ذكرهم.
والسؤال المذكور غير التلقين الآتي، وذلك لما روي عن عمرو بن العاص أنه قال: إذا دفنتموني فأقيموا بعد ذلك حول قبري ساعة، قدر ما تنحر جزور ويفرق لحمها، حتى أستأنس بكم
وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي.
(قوله: وتلقين بالغ) معطوف على أن يلقن أيضا.
أي ويندب تلقين بالغ الخ، وذلك لقوله تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (١) وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة.
وخرج بالبالغ
(١) الذاريات: ٥٥