(فمضمضة فاستنشاق) للاتباع، وأقلهما إيصال الماء إلى الفم والانف.
ولا يشترط في حصول أصل السنة إدارته في الفم ومجه منه ونثره من الانف، بل تسن كالمبالغة فيهما لمفطر للامر بها.
(و) يسن جمعهما (بثلاث غرف) يتمضمض ثم يستنشق من كل منها.
(ومسح كل رأس) للاتباع وخروجا من خلاف مالك وأحمد، فإن
ــ
ثوابا عند الله من ريح المسك المطلوب في نحو الجمعة، أو إنه عند الملائكة أطيب من ريح المسك عندكم.
وأطيبيته تفيد طلب إبقائه.
وقوله بعد الزوال إنما اختصت الكراهة بما بعده لأن التغير بالصوم إنما يظهر حينئذ.
قاله الرافعي بخلافه قبله، فيحال على نوم أو أكل أو نحوهما، ولأنه يدل عليه خبر: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا ثم قال: وأما الثانية: فإنهم يمسون وخلوف أفواهم أطيب عند الله من ريح المسك فقيد بالمساء، وهو إنما يكون بعد الزوال.
ومحل كراهته بعده إذا سوك الصائم نفسه فإن سوكه غيره بغير إذنه حرم على ذلك الغير لتفويته الفضيلة.
(قوله: إن لم يتغير فمه بنحو نوم) فإن تغير به لم يكره، وهو خلاف الأوجه، كما في التحفة، ونصها: ولو أكل بعد الزوال ناسيا مغيرا، أو نام أو انتبه، كره أيضا على الأوجه، لأنه لا يمنع تغير الصوم، ففيه إزالة له - ولو ضمنا - وأيضا فقد وجد مقتض هو التغير، ومانع هو الخلوف، والمانع مقدم.
إلا أن يقال إن ذلك التغير أذهب تغير الصوم لاضمحلاله فيه وذهابه بالكلية، فيسن السواك لذلك، كما عليه جمع.
اه.
وقوله: كما عليه جمع أفتى به الشهاب الرملي.
اه سم.
(قوله: فمضمضة) أي فبعد السواك تسن مضمضة.
وقوله: فاستنشاق أي فبعد المضمضة يسن استنشاق.
ويعلم من العطف بالفاء المفيدة للترتيب، أن الترتيب بينهما مستحق، أي شرط، في الاعتداد بهما لا مستحب.
فلو قدم الاستنشاق على المضمضة حسبت دونه عند ابن حجر لوقوعه في غير محله، وعند الرملي يحسب ما فعل أولا.
(فائدة) الحكمة في ندب غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق معرفة أوصاف الماء - من لون وطعم وريح - هل تغيرت أم لا.
وقال بعضهم: شرع غسل الكفين للأكل من موائد الجنة، والمضمضة لكلام رب العالمين، والاستنشاق لشم روائح الجنة، وغسل الوجه للنظر إلى وجه الله الكريم، وغسل اليدين للبس السوار في الجنة، ومسح الرأس للبس التاج والأكليل فيها، ومسح الأذنين لسماع كلام رب العالمين، وغسل الرجلين للمشي في الجنة.
(قوله: للاتباع) أي وخروجا من خلاف الإمام أحمد في قوله بوجوبهما.
(قوله: وأقلهما) أي أقل المضمضة والاستنشاق.
والمراد: أقل ما تؤدى به السنة ما ذكر.
أي: وأما أكملهما فيكون بأن يدير الماء في الفم ثم يمجه - بالنسبة للمضمضة -، وبأن يجذبه بنفسه إلى أعالي أنفه ثم ينثره - بالنسبة للاستنشاق -.
(قوله: ولا يشترط في حصول أصل السنة) أي بقطع النظر عن الكمال: (قوله: إدارته) أي الماء، وقوله: في الفم أي في جوانبه: (وقوله: ومجه) أي إخراجه من الفم بعد الإدارة.
(قوله: ونثره من الأنف) أي رميه منه بعد صعوده إلى أعاليه.
(قوله: بل تسن) أي المذكورات - الإدارة والمج والنثر - والأنسب في المقابلة أن يقول أما كمالهما فيشترط فيه ذلك.
وقوله: كالمبالغة فيهما أي كسنية المبالغة في المضمضة والاستنشاق.
وقوله: لمفطر خرج الصائم فلا يبالغ خشية الإفطار، ومن ثم كرهت له.
وقوله: للأمر بها أي بالمبالغة، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائما والمبالغة في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثاث، وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم.
(قوله: ويسن جمعهما) أي الجمع بين المضمضة والاستنشاق، وضابطه أن يجمع بينهما
بغرفة.
وفيه ثلاث كيفيات، الأولى: أن يتمضمض ويستنشق بثلاث غرف، يتمضمض من كل منهما ثم يستنشق، وهي التي اقتصر عليها الشارح لأنها الأفضل.
الثانية: أن يتمضمض ويستنشق بغرفة، يت مضمض منها ثلاثا ثم يستنشق منها كذلك.
الثالثة: أن يتمضمض ويستنشق بغرفة، يتمضمض منها مرة ثم يستنشق منها مرة، وهكذا.
وقوله: بثلاث غرف لو قال وبثلاث غرف لكان أولى، ليفيد أن ذلك أفضل من الجمع بينهما بغرفة، أي بالكيفيتين السابقتين.
واعلم أن ما ذكر هو الأفضل، وإلا فأصل السنة يتأدى بغير الجمع بينهما: ففيه أيضا ثلاث كيفيات، الأولى: أن يتمضمض ويستنشق بغرفتين، يتمضمض من الأولى ثلاثا ثم يسنتشق من الثانية ثلاثا.
الثانية: أن يتمضمض ويستنشق