للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) صرفها بعد القريب إلى (جار، أفضل) منه لغيره.

فعلم أن القريب البعيد الدار في البلد: أفضل من الجار الاجنبي، (لا) يسن التصدق (بما يحتاجه)، بل يحرم بما يحتاج إليه: لنفقة، ومؤنة.

من تلزمه نفقته يومه وليلته، أو لوفاء دينه - ولو مؤجلا، وإن لم يطلب منه - ما لم يغلب على ظنه حصوله من جهة أخرى ظاهرة لان الواجب

ــ

العم والخال.

(قوله: والرحم) بالرفع مبتدأ، خبره سواء.

(قوله: ثم محرم الرضاع الخ) أي ثم بعد غير المحرم من أقارب النسب، المحرم من الرضاع، ثم من المصاهرة.

(قوله: أفضل) خبر قوله وإعطاؤها لقريب، على ما مر.

(قوله: وصرفها) أي إعطاؤها، ولم يعبر به تفننا في التعبير.

(وقوله: إلى جار أفضل) أي لحثه سبحانه وتعالى على الإحسان عليه كحثه على الإحسان للوالدين في آية: * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) * - إلى أن قال - * (والجار ذي القربى، والجار الجنب) * (٢) والمراد من الجار ذي القربى: القريب منك جواره.

وقيل: هو من له مع الجوار في الدار قرب في النسب أو الدين.

والمراد بالجار الجنب: أن يصدق عليه اسم الجوار مع كون داره بعيدة.

وفي الآية دليل على تعميم الجيران بالإحسان إليهم، سواء كانت الديار متقاربة أو متباعدة، وعلى تقديم الجار القريب الدار على الجار البعيد الدار.

وفي البخاري: عن عائشة رضي الله عنها، قلت: يا رسول الله إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ فقال: إلى أقربهما منك بابا.

(قوله: فعلم) أي من قوله: وصرفها بعد القريب.

(قوله: أن القريب) أي للمتصدق.

(قوله: البعيد الدار) أي الذي داره بعيدة عن دار المتصدق.

(وقوله: في البلد) متعلق بمحذوف صفة للبعيد، وهذا قيد لا بد منه، لكنه لم يعلم مما مر.

وخرج به ما إذا كان خارج البلد - بحيث يمتنع نقل الزكاة إليه - فالجار حينئذ أفضل منه.

وعبارة ابن حجر: ثم الأفضل تقديم الجار، فهو أولى حتى من القريب، لكن بشرط أن تكون دار القريب بمحل لا يجوز نقل زكاة المتصدق إليه، وإلا قدم على الجار الأجنبي، وإن بعدت داره.

اه.

(قوله: لا يسن التصدق بما يحتاجه) أصل المتن: لا بما يحتاجه، فهو معطوف على بما تيسر، وجملة وإعطاؤها سرا إلخ معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه.

وقول الشارح: يسن التصديق - بعد حرف العطف - لبيان متعلق الجار والمجرور.

(قوله: بل يحرم إلخ) إضراب انتقالي، وذلك لما صح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

وإطعام الأنصاري قوت صبيانه لمن نزل به ضيافة لا صدقة.

والضيافة لتأكدها ووجوبها عند الإمام أحمد، لا يشترط فيها الفضل عن العيال.

(قوله: لنفقة ومؤنة) كلاهما مضاف إلى ما بعده، ولو اقتصر على الثاني لكان ولى، لشموله للنفقة.

(وقوله: من تلزمه الخ) أي من نفسه وعياله لكن محل حرمة التصدق بما يحتاجه لنفسه إن لم يصبر على الإضاقة، وإلا فلا حرمة، لأن للمضطر أن يؤثر على نفسه مضطرا آخر مسلما، كما قال تعالى * (ويؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة) * (١) (وقوله: نفقته) المناسب لما قبله أن يزيد بعده ومؤنته.

(وقوله: يومه وليلته) أي يوم التصدق وليلته.

وهذا بالنسبة لغير الكسوة، أما هي فيعتبر فيها الفضل.

(قوله: أو لوفاء دينه) معطوف على لنفقة الخ.

أي أو بما يحتاج إليه لوفاء دينه، أي الدين الذي عليه لغيره.

وإنما حرم التصدق به لأن أداء الدين واجب لحق آدمي، فلا يجوز تفويته، أو تأخيره بسبب التطوع بالصدقة.

(قوله: ما لم يغلب على ظنه حصوله) أي وفاء الدين حالا في الحال، وعند الحلول في المؤجل.

فإن غلب على ظنه ذلك جاز التصدق به، بل قد يسن.

قال في التحفة: نعم، إن وجب أداؤه فورا لطلب صاحبه أو لعصيانه بسببه، ولم يعلم رضا صاحبه بالتأخير، حرم التصدق قبل وفائه مطلقا - كما تحرم صلاة النفل على من عليه فرض فوري - (وقوله: من جهة أخرى) أي غير المتصدق به.

وفي التحفة إسقاط لفظ أخرى، والاقتصار على ظاهرة، وهو أولى.

(وقوله: ظاهرة) أي كأن يكون له عقار يؤجر أو له دين على موسر.

وخرج به ما إذا كانت الجهة غير ظاهرة - بأن كانت متوهمة، كأن كان مترقبا من أحد أنه يعطيه قدرا يقضى به دينه صدقة - فإنه حينئذ يحرم عليه التصدق بما عنده.

(قوله: لأن الواجب الخ) علة لحرمة التصدق بما يحتاج إليه، لما ذكر.

أي ولقوله عليه الصلاة والسلام المار: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

رواه أبو داود بإسناد


(١) النساء: ٣٦.
(١) الحشر: ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>