وأفضله الجعرانة، فالتنعيم، فالحديبية.
وميقات من لا ميقات له في طريقه: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه في بر أو بحر، وإلا فمرحلتان من مكة، فيحرم الجائي في البحر من جهة اليمين من الشعب المحرم الذي يحاذي يلملم، ولا يجوز له تأخير إحرامه إلى الوصول إلى جدة، خلافا لما أفتى به شيخنا من جواز تأخيره إليها، وعلل
ــ
الحرم والحل، كما في الحج فإنه فيه الجمع بين الحرم والحل بعرفة، فلو لم يخرج إليه، وأتى بالعمرة أجزأته، لكنه يأثم ويلزمه دم، إلا أن خرج إليه بعد إحرامه وقبل الشروع في شئ من أعمالها فلا دم، وكذا لا إثم إن كان وقت الإحرام عازما على هذا الخروج، وإلا أثم فقط.
(قوله: وأفضله الجعرانة) أي أفضل بقاع الحل الجعرانة أي لاعتماره - صلى الله عليه وسلم -
منها بنفسه، ولحكاية الأذرعي عن الجندي في فضائل مكة أنه اعتمر منها ثلثمائة نبي وهي بكسر الجيم، وسكون العين، وتخفيف الراء على الأفصح -: قرية في طريق الطائف، على ستة فراسخ من مكة، سميت باسم امرأة كانت ساكنة بها.
(قوله: فالتنعيم) أي فيليها في الرتبة التنعيم لامره - صلى الله عليه وسلم - السيدة عائشة بالاعتمار منها.
والتنعيم هو المكان المعروف بمساجد عائشة سمي بذلك لأن عن يمينه واديا يقال له ناعم، وعن يساره واديا يقال له نعيم، وهو في واد يقال له نعمان، بينه وبين مكة فرسخ.
(قوله: فالحديبية) أي فيلي التنعيم الحديبية، لأنه - صلى الله عليه وسلم - هم بالاعتمار منها فصده المشركون، فقدم فعله، ثم أمره، ثم همه.
والحديبية بتخفيف الياء على الأفصح بئر بين طريقي جدة والمدينة على ستة فراسخ من مكة، سميت بذلك لأن عندها شجرة حدباء، كانت بيعة الرضوان عندها.
(قوله: وميقات من لا ميقات له في طريقه) أي كأهل مصر والمغرب إذا سلكوا لجة البحر.
وفي البجيرمي ما نصه: لا يقال المواقيت متفرقة لجهات مكة، فكيف يتصور عدم محاذاته الميقات؟ فينبغي أن المراد عدم المحاذاة في ظنه، دون نفس الأمر، لأنا نقول يتصور بالجائي من سواكن إلى جدة، من غير أن يمر برابغ ولا بيلملم، لأنهما حينئذ أمامه، فيصل جدة قبل محاذاتهما، وهي على مرحلتين من مكة، فتكون هي ميقاته.
شرح حجر.
اه.
(قوله: محاذاة الميقات الوارد إن حاذاه) هذا إذا حاذى ميقاتا واحدا، فإن حاذى ميقاتين، أحرم من محاذاة أقربهما إليه، فإن استويا في القرب إليه أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة، ومن سكن بين مكة وبين الميقات فميقاته مسكنه.
(قوله: وإلا فمرحلتان) أي وإن لم يحاذ ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة، لأنه لا ميقات بينه وبين مكة أقل من هذه المسافة.
(قوله: فيحرم الجائي الخ) مفرع على قوله محاذاة الميقات الخ.
وقوله: من جهة اليمن متعلق بالجائي.
(وقوله: من الشعب) متعلق بيحرم.
(وقوله: المحرم) لعل في العبارة سقطا أي المسمى بالمحرم، أو الذي يقال له المحرم.
وقوله: الذي الخ صفة للشعب.
(قوله: ولا يجوز له) أي للجائي في البحر من جهة اليمن.
(قوله: خلافا لما أفتى به شيخنا) هو مصرح به في التحفة، ونصها: وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة، لأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم كما صرحوا به.
قال الكردي بعد أن ساق العبارة المذكورة: وممن قال بالجواز: النشيلي مفتي مكة والفقيه أحمد بلحاج، وابن زياد اليمني وغيرهم.
وممن قال بعدم الجواز: عبد الله بن عمر بامخرمة، ومحمد بن أبي بكر الأشخر، وتلميذ الشارح عبد الرؤوف.
قال: لأن جدة أقل مسافة بنحو الربع كما هو مشاهد وإن وجد تصريح لهم بأن كلا من يلملم وجدة
مرحلتان، فمرادهم أن كلا لا ينقص عن مرحلتين، ولا يلزم منه استواء مسافتهما، لا سيما وقد حقق التفاوت الكثير ممن سلك الطريقين، وهم عدد كادوا أن يتواتروا.
قال ابن علان في شرح الإيضاح: وليس هذا مما يرجع لنظر في المدرك حتى يعمل فيه بالترجيح، بل هو أمر محسوس يمكن التوصل لمعرفته بذرع حبل طويل يوصل لذلك.
اه.
وفي البطاح ما نصه: قال ابن الجمال وما في التحفة مبني على اتحاد المسافة الظاهر من كلامهم، فإذا تحقق