حائض، ومكي - إن لم يفارق مكة بعد حجه - (ورمي) إلى جمرة العقبة بعد انتصاف ليلة النحر، سبعا، وإلى
ــ
ويجعل في حياض يسبل للشاربين.
والمراد بها ما هو أعم من ذلك، وهو الموضع الذي يسقى فيه الماء مطلقا، في المسجد الحرام، أو في غيره، قديما كان أو حادثا.
وخرج بغير أهل السقاية أهلها، فيسقط عنهم المبيت، لانه - صلى الله عليه وسلم - رخص للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى لأجل السقاية.
رواه الشيخان.
وقيس بسقاية العباس غيرها من بقية السقايات.
ولا فرق في سقوط ذلك بين أن يخرجوا ليلا أو نهارا.
والفرق بينهم وبين أهل الرعاية حيث اعتبر خروجهم قبل الغروب أن هؤلاء شغلهم ليلا ونهارا، بخلاف أهل الرعاية.
قال ابن الجمال: وهذا باعتبار الشأن أي الغالب فلو فرض الاحتياج إلى الرعي ليلا دون السقاية انعكس الحكم.
اه.
ويسقط المبيت مطلقا أيضا عن خائف عن نفس، أو عضو، أو بضع، أو مال - وإن قل ويسقط مبيت مزدلفة عمن أفاض من عرفة إلى مكة وطاف للركن ولم يمكنه العود لمزدلفة بعده كما تقدم والأولى لأهل السقاية والرعاية تأخير الرمي يوما فقط، فيؤدونه في اليوم الثاني قبل رميه، ولو قبل الزوال.
واعلم أن العذر في المبيت يسقط الدم والإثم، وفي الرمي يسقط الإثم فقط.
(قوله: وطواف الوداع) بالرفع، معطوف على إحرام أيضا، وقد علمت أن عده من واجبات الحج رأي ضعيف، والمعتمد أنه واجب مستقل.
وعبارة الإيضاح: اختلف أصحابنا في أن طواف الوداع من جملة مناسك الحج أم عبادة مستقلة؟ فقال إمام الحرمين: هو من مناسك الحج، وليس على غير الحج طواف الوداع إذا خرج من مكة.
وقال البغوي وأبو سعيد المتولي وغيرهما ليس هو من المناسك، بل يؤمر به من أراد مفارقة مكة إلى مسافة تقصر
فيها الصلاة سواء كان مكيا أو غير مكي.
قال الإمام أبو القاسم الرافعي: هذا الثاني هو الأصح، تعظيما للحرم، وتشبيها لاقتضاء خروجه للوداع باقتضاء دخوله للإحرام، ولأنهم اتفقوا على أن من حج وأراد الإقامة بمكة لا وداع عليه، ولو كان من المناسك لعم الجميع.
اه.
(قوله: لغير حائض) أما هي: فلا يجب عليها طواف الوداع.
ومثل الحائض النفساء، وذو الجرح الذي لا يأمن تلويث المسجد منه، وفاقد الطهورين، والمستحاضة في زمن نوبة حيضها، والخائف على نفس، أو بضع أو مال تأخر له.
قال الكردي: فهذه الأعذار تسقط الدم والإثم.
وقد يسقط العذر الإثم لا الدم فيما إذا لزمه وخرج عامدا عالما عازما على العود قبل وصوله لما يستقر به وجوب الدم، ثم تعذر العود.
وترك طواف الوداع بلا عذر ينقسم على ثلاثة أقسام أحدها: لا دم ولا إثم، وذلك في ترك المسنون منه، وفيمن عليه شئ من أركان النسك، وفيمن خرج من عمران مكة لحاجة ثم طرأ له السفر.
ثانيها عليه الإثم ولا دم، وذلك فيما إذا تركه عامدا عالما وقد لزمه بغير عزم على العود ثم عاد قبل وصوله لما يتسقر به الدم، فالعود مسقط للدم لا للإثم.
ثالثها ما يلزمه بتركه الإثم ثم الدم، وذلك في غير ما ذكر من الصور.
اه.
بحذف.
(قوله: ومكي) أي ولغير مكي، أما هو فلا يجب عليه طواف الوداع.
والمراد بالمكي: من هو مقيم بمكة سواء كان مستوطنا أو غيره فشمل الآفاقي الذي نوى الإقامة بعد حجه بمكة.
(قوله: وإن لم يفارق الخ) الجملة صفة لمكي، فهو قيد له فقط، فإن فارق المكي مكة وجب عليه كغيره طواف الوداع إن كان سفره طويلا.
(وقوله: بعد حجة) لبيان الواقع، فهو لا مفهوم له، وذلك لأن الفرق أنه من المناسك، فهو لا يكون إلا بعدها.
(قوله: ورمي) بالرفع، عطف على إحرام.
وهذا هو الواجب الخامس، ولصحته شروط، ذكر بعضها المؤلف، وهي الترتيب في الزمان والمكان والأبدان.
ومعنى الأول: أنه لا يرمي عن يومه إلا إذا رمى عن أمسه.
ومعنى الثاني أنه لا يرمي الجمرة الثانية إلا إذا رمى الأولى ولا يرمي الثالثة إلا إذا رمى الثانية.
ومعنى الثالث أنه لا يرمي عن غيره حتى يرمي عن نفسه، وأن يكون سبعا، وأن