سبيلي) المتوضئ (الحي) دبرا كان أو قبلا.
(ولو) كان الخارج (باسورا) نابتا داخل الدبر فخرج أو زاد خروجه.
لكن أفتى العلامة الكمال الرداد بعدم النقض بخروج الباسور نفسه بل بالخارج منه كالدم.
وعن مالك: لا ينتقض الوضوء بالنادر.
(و) ثانيها: (زوال عقل) أي تمييز، بسكر أو جنون أو إغماء أو نوم، للخبر
ــ
خروجها ثم أدخلها لم ينتقض، وإن اتكأ عليها بقطنة حتى دخلت، ولو انفصل على تلك القطنة شئ منها لخروجه حال خروجها.
اه تحفة.
(قوله: انفصل) أي ذلك الخارج كله من أحد السبيلين.
وقوله: أو لا أي أو لم يفصل كله، بأن انفصل بعضه وبقي بعضه، فإنه ينقض.
ومحله في غير ولد ظهر بعضه واستتر بعضه فإنه لا يحكم بالنقض به لاحتمال أن يخرج جميع الولد فيجب الغسل.
(قوله: كدودة أخرجت رأسها) تمثيل لقوله أو لا: ومثلها باسور خرج من الدبر أو زاد خروجه كما سيذكره.
(قوله: ثم رجعت) عبارة فتح الجواد: وإن رجعت.
اه.
وهي تفيد أن الرجوع ليس بقيد.
(قوله: من أحد الخ) متعلق بخروج.
وقوله: سبيلي المتوضئ هما القبل والدبر.
وسميا بذلك لأن كلا منهما سبيل، أي طريق لخروج الخارج منه.
ولو أبدل المتوضئ بالشخص لكان أولى ليشمل الحدث الذي لا يكون عقب وضوء، كالمولود فإنه يقال له محدث من حين الولادة مع أنه لم يسبق منه طهر.
ولعله قيد بذلك نظرا للناقض بالفعل.
وقوله: الحي خرج به الميت، فلا تنتقض طهارته بخروج شئ منه، وإنما تجب إزالة النجاسة عنه فقط.
وكان عليه أن يزيد في كلامه الواضح ليخرج الخنثى المشكل، فإنه إن خرج من فرجيه جميعا نقض لتحقق الخروج من الأصلي، وإلا فلا.
(قوله دبرا كان) أي ذلك الأحد الذي خرج منه الخارج.
وقوله: أو قبلا معطوف على دبرا، ولا فرق بين أن يتعدد كل منهما، كأن وجد له
دبران أصليان، أو أحدهما أصلي والآخر زائد، واشتبه أو تميز وسامت أو لم يتعدد.
(قوله: ولو كان، الخ) غاية في النقض بخروج ما ذكر.
(قوله: نابتا داخل الدبر) تصريح بما علم من قوله الخارج، أي من الدبر، فإنه يفهم أنه كان داخلا ثم خرج.
(قوله: فخرج) أي كله.
وقوله: أو زاد خروجه أي بأن خرج منه قبل الوضوء شئ ثم بعده زاد خروجه، فإنه ينقض الوضوء (قوله: لكن أفتى، الخ) استدراك على الغاية.
(قوله: بل بالخارج منه) أي بل أفتى بالنقض بالشئ الذي خرج من الباسور.
وقوله: كالدم تمثيل للخارج منه.
(قوله: بالنادر) أي بالخارج، إذا كان خروجه على سبيل الندور.
(قوله: وثانيها) أي ثاني نواقض الوضوء.
(قوله: زوال عقل) هو صفة يميز بها بين الحسن والقبيح.
وقيل: غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات.
ومحله القلب، وله شعاع متصل بالدماغ.
وهو أفضل من العلم لأنه منبعه وأسه، والعلم يجري منه مجرى النور من الشمس والرؤية من العين.
وقيل: العلم أفضل منه لاستلزامه له، ولأن الله يوصف بالعلم لا بالعقل.
ولذلك قال بعض الأكابر حاكيا لذلك عن لسان حالهما.
علم العليم وعقل العاقل اختلفا من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا فالعلم قال: أنا أحرزت غايته والعقل قال: أنا الرحمن بي عرفا فأفصح العلم إفصاحا وقال له بأينا الله في فرقانه اتصفا فبان للعقل أن العلم سيده فقبل العقل رأس العلم وانصرفا وقوله: أي تمييزا إنما فسره به لأنه هو الذي يزيله السكر والمرض، والإغماء بخلافه.
بمعنى الصفة الغريزية فإنه لا يزيله ذلك، وإنما يزيله الجنون فقط.
(قوله: بسكر) متعلق بزوال، وهو خبل في العقل مع طرب واختلال نطق.
وقوله: أو جنون هو مرض يزيل الشعور من القلب مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء.
وقوله: أو إغماء هو مرض يزيل الشعور مع فتور الأعضاء ومنه ما يقع في الحمام، وإن قل فينقض الوضوء، فليتنبه له فإنه يغفل عنه كثير من الناس.
وقوله: أو نوم هو استرخاء أعصاب الدماغ بسبب رطوبة الأبخرة الصاعدة من المعدة.
وقال الغزالي: الجنون يزيل العقل، والإغماء يغمره، والنوم يستره.
واستثنى من النوم نوم الأنبياء فلا نقض به، وكذا بإغمائهم، وهو جائز عليهم لأنه مرض، لكنه ليس كالإغماء الذي يحصل لآحاد الناس، وإنما هو من غلبة الأوجاع للحواس الظاهرة فقط دون القلب، لأنه إذا حفظت قلوبهم من النوم الذي هو أخف من الإغماء، كما ورد في حديث: تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا فمن الإغماء