والاصل فيه قبل الاجماع آيات - كقوله تعالى: * (وأحل الله البيع) * - وأخبار كخبر: سئل النبي (ص): أي الكسب أطيب؟ فقال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور أي لا غش فيه ولا خيانة.
(يصح) البيع (بإيجاب) من البائع - ولو هزلا - وهو ما دل على التمليك دلالة ظاهرة: (كبعتك) ذا بكذا، أو هو لك بكذا، (وملكتك)، أو وهبتك (ذا بكذا)، وكذا جعلته لك بكذا.
إن نوى به البيع.
(وقبول) من المشتري
ــ
المؤلف لا يشمل ذلك إلا إن أريد بالمال فيه ما يشمل المنفعة.
وخرج بقوله في التعريف الذي ذكره مقابلة إلخ: الهبة التي بلا ثواب، فإنه لا مقابلة فيها، فلا تسمى بيعا.
وخرج أيضا: الإجارة والنكاح - لأنهما ليس فيها مقابلة مال بمال، لأن الإجارة فيها مقابلة منفعة بمال، والنكاح فيه مقابلة انتفاع.
وخرج بالمعاوضة في التعريف الثاني نحو الهبة.
وبالمحضة: نحو النكاح.
وبقوله على الدوام: الإجارة - فإنها وإن كان فيها مقابلة منفعة بمال، ليست على الدوام.
وبلا
على وجه القربة: القرض، فإنه - وإن كان فيه معاوضة مال بمال - فهو على وجه القربة.
(قوله: على وجه مخصوص) أي وهو شروطه الآتية.
(قوله: والأصل فيه) أي في حكمه.
(قوله: وأحل الله البيع) أي المعهود عندهم، وهو مقابلة مال بمال على وجه مخصوص - فالآية متضحة الدلالة - لا مجملة.
(قوله: وأخبار) معطوف على آيات، أي والأصل فيه أخبار.
(قوله: كخبر إلخ) أي وكخبر: إنما البيع عن تراض.
(قوله: أي الكسب أطيب؟) أي أي أنواع الكسب أفضل وأحسن؟ (قوله: فقال) أي النبي.
(وقوله: عمل الرجل بيده) أي وهو الصناعة - وقيل يشمل الزراعة - وكونه باليد جري على الغالب.
(قوله: وكل بيع مبرور) هو التجارة.
(وقوله: أي لا غش فيه ولا خيانة) هذا مدرج من كلام الراوي.
والفرق بين الغش والخيانة: أن الأول تدليس يرجع إلى ذات المبيع، كأن يجعد شعر الجارية، ويحمر وجهها، والثاني أعم، لأنه تدليس في ذاته أو صفته أو أمر خارج، كأن يصفه بصفات كاذبة، وكأن يذكر له ثمنا كاذبا.
(قوله: يصح البيع إلخ).
(اعلم) أن أركان البيع ثلاثة: عاقد، ومعقود عليه، وصيغة.
وفي الحقيقة: ستة، لأن كل واحد من الأركان الثلاثة: تحته قسمان - فالأول: تحته البائع والمشتري.
والثاني: تحته الثمن والمثمن.
والثالث: تحته الإيجاب والقبول - ولم يصرح المؤلف بالركنين الأولين، وإنما أشار إليهما بقوله وشرط في عاقد، وقوله وفي معقوده.
وصرح بالصيغة بقوله بإيجاب وقبول، وبدأ بها لقوة الخلاف فيها - وإن تقدما عليها طبعا - ثم هي على قسمين: صريح، وكناية، والأول: مما دل على التمليك - أو التملك - دلالة ظاهرة مما اشتهر وكرر على ألسنة حملة الشرع: كبعتك، وملكتك، أو وهبتك ذا بكذا.
والثاني: ما احتمل البيع وغيره، كجعلته لك، وخذه، وتسلمه، وبارك الله لك فيه.
ويشترط في صحة الصيغة: أن يذكر المبتدئ - بائعا أو مشتريا - كلا من الثمن والمثمن.
وأما المجيب فلا يشترط أن يذكرهما - ولا أحدهما - فلو قال البائع: بعتك كذا بكذا، فقال قبلت، أو قال المشتري: اشتريت منك كذا بكذا، فقال البائع بعتك، كفى منهما.
فإن لم يذكر المبتدي منهما العوضين معا: لم يصح العقد.
أفاده البجيرمي.
(قوله: ولو هزلا) غاية في صحة البيع بالإيجاب.
أي يصح به ولو صدر منه على سبيل الهزل - أي المزح - وهو أن لا يقصد باللفظ حقيقة الايقاع.
وفي سم: هل الاستهزاء كالهزل؟ فيه نظر، ويتجه الفرق - لأن في الهزل قصد اللفظ لمعناه، غير أنه ليس راضيا به.
وليس في الإستهزاء قصد اللفظ لمعناه.
ويؤيده أن الاستهزاء يمنع الاعتداد بالإقرار.
اه (قوله: وهو) أي الإيجاب.
(وقوله: ما دل على التمليك دلالة ظاهرة) هذا التعريف شامل للإيجاب الصريح والكناية، لأن كليهما يدل دلالة ظاهرة.
غاية الأمر أن دلالة الصريح أقوى، بخلاف الكناية فإن دلالتها بواسطة ذكر العوض على اشتراطه فيها، أو نيته على عدم الإشتراط.
وخرج بذلك: ما لا يدل دلالة ظاهرة - كملكتكه، وجعلته لك - من غير ذكر عوض أو نيته.
(قوله: كبعتك) يشير إلى شرطين في الصيغة، وهما: الخطاب، ووقوعه على جملة المخاطب.
(وقوله: ذا بكذا) يشير إلى شرط ثالث، وهو أنه لا بد من ذكر الثمن والمثمن - كما مر عن البجيرمي -.
(قوله: وهو لك بكذا) اختلف فيه: هل هو صريح أو كناية؟ والمعتمد الثاني.
وعلى الأول: يفرق بينه وبين جعلته لك الآتي: بأن الجعل ثم محتمل، وهنا لا احتمال.
اه.