بما مر في قبض المبيع (بإذن) من راهن يصح تبرعه، ويحصل الرجوع عن الرهن قبل قبضه بتصرف يزيل الملك كالهبة، والرهن لآخر، ولا بوطئ، وتزويج، وموت عاقد، وهرب مرهون.
(واليد) في المرهون (لمرتهن) بعد لزوم الرهن غالبا (وهي) على الرهن (أمانة) أي يد أمانة، ولو بعد البراءة من الدين، فلا يضمنه المرتهن إلا
ــ
الروض.
(وقوله: بما مر إلخ) أي ويكون القبض هنا بمثل ما مر في قبض المبيع - من النقل في المنقول، والتخلية في غيره.
(قوله: بإذن من راهن) متعلق بمحذوف صفة لقبض، أي قبض كائن بإذن من راهن، أي أو إقباض منه.
ولكل من الراهن والمرتهن إنابة غيره في القبض والإقباض، ما لم يلزم اتحاد القابض والمقبض.
فلو أذن الراهن لغيره في الإقباض امتنعت إنابته في القبض.
وكذلك يمتنع على المرتهن أن ينيب الراهن في القبض، كأن يقول المرتهن للراهن: أنبتك عني في القبض.
(وقوله: يصح تبرعه) أي تبرعا مطلقا.
وصحة التبرع لا تكون إلا من بالغ، عاقل، رشيد، مختار - كما تقدم - فخرج به حينئذ: الصبي، والمجنون، والمحجور عليه، والمكره، فلا يصح إذنهم في القبض.
(قوله: ويحصل الرجوع عن الرهن قبل قبضه بتصرف يزيل الملك) أما بعض القبض فلا رجوع به، لعدم نفوذ التصرف منه بعده.
وسيبين هذا بقوله بعد: وليس للمالك بعد لزوم الرهن بيع ووقف إلخ.
(قوله: كالهبة) تمثيل ما يزيل الملك.
وقيد في المنهاج والمنهج الهبة بكونها مقبوضة.
وقال في المغني: تقييده تبعا للرافعي الهبة والرهن وبالقبض يقتضي أن ذلك بدون قبض لا يكون رجوعا.
والذي نقله السبكي وغيره على النص: أنه رجوع، وهو المعتمد.
وقال الأذرعي: والصواب على المذهب حذف لفظ القبض في الهبة والرهن جميعا، لأنها زيادة موهمة.
اه.
(قوله: والرهن لآخر) ظاهره أنه معطوف على الهبة، فيفيد حينئذ أن الرهن مزيل للملك، وليس كذلك.
وعبارة غيره: ويحصل الرجوع بتصرف يزيل الملك - كهبة لزوال محل الرهن، وبرهن - لتعلق حق الغير به -.
اه.
فأعاد العامل إشارة إلى استقلاله، وعدم عطفه على هبة.
فكان الأولى للشارح أن يصنع كصنيعه.
(قوله: لا بوطئ إلخ) أي لا يحصل الرجوع بوطئ وتزويج - أي لعدم منافاتهما للرهن - لأن الوطئ من قبيل الاستخدام، والتزويج لا تعلق له بمورد الرهن، بل رهن المزوج ابتداء: جائز - سواء كان المزوج عبدا أو أمة -.
ومعنى كون هذه المذكورات لا يحصل بها رجوع: أن الرهن لا ينفسخ بها، بل هو باق بحاله.
ومحل عدم الرجوع بالوطئ: إذا لم يحصل منه إحبال، وإلا حصل الرجوع به.
(قوله: وموت عاقد) أي ولا يحصل
الرجوع بموت عاقد من راهن، أو مرتهن، أو وكيلهما، أو وكيل أحدهما.
(قوله: وهرب مرهون) أي ولا يحصل الرجوع بهرب المرهون.
قال ع ش: وظاهره وإن أيس من عوده.
وينبغي - في هذه - أن له مطالبة الراهن بالدين، حيث حل، لأنه في هذه الحالة يعد كالتالف.
اه.
(قوله: واليد في المرهون لمرتهن) المراد من اليد: اليد الحسية - أي كونه في حرزه، وفي بيته مثلا - لا الشرعية: أي كونه في سلطنته وفي ولايته، بحيث يمتنع على الراهن التصرف فيه بما يزيل الملك أو ينقصه بغير إذن المرتهن، وإلا لم يكن للتقييد - بقوله غالبا - فائدة، لأن اليد الشرعية على المرهون للمرتهن دائما، حتى في الصور الخارجة به.
كذا في البجيرمي.
(قوله: بعد لزوم الرهن) أي وهو يحصل بالقبض - كما مر - (قوله: غالبا) أي ومن غير الغالب قد لا تكون اليد للمرتهن - كما لو رهن مسلما أو مصحفا عند كافر، أو سلاحا عند حربي - فإنه يوضع عند من يصح تملكه لها.
وكما لو رهن جارية تشتهي عند أجنبي فتوضع عند امرأة ثقة.
وكما لو شرطا وضعه عند ثالث.
(قوله: وهي) أي يد المرتهن.
(وقوله: أمانة) أي لا يلزم ضمانه.
فلو شرط كونه مضمونا على المرتهن لم يصح الرهن.
واستثنى البلقيني من هذه القاعدة - تبعا للمحاملي - ثمان مسائل يكون فيها الضمان على المرتهن.
الأولى: مغصوب تحول رهنا عند غاصبه.
الثانية: مرهون تحول غصبا عند مرتهنه.
الثالثة: مرهون تحول عارية عند مرتهنه.
الرابعة: عارية تحولت رهنا عند مستعيرها.
الخامسة: مقبوض سوما تحول رهنا عند سائمه.
السادسة: مقبوض ببيع فاسد تحول رهنا عند قابضه.
السابعة: أن يقبله في بيع شئ ثم يرهنه منه قبل قبضه.
الثامنة: أن يخالعها على شئ ثم يرهنه منها قبل القبض.
وإنما ضمن في هذه المسائل لوجود مقتضيه، والرهن ليس بمانع.
اه.
نهاية.
بتصرف.