إذا اقتضى الضمان بعد القبض - كالبيع والقرض - ففاسده أولى، أو عدمه - كالمرهون، والمستأجر والموهوب، ففاسده كذلك.
(فرع) لو رهن شيئا وجعله مبيعا من المرتهن بعد شهر، أو عارية له بعده، بأن شرطا في عقد الرهن ثم قبضه المرتهن: لم يضمنه قبل مضي الشهر، وإن علم فساده - على المعتمد - وضمنه بعده لانه يصير بيعا، أو
ــ
الضمان (قوله: لأن صحيح الخ) تعليل لكون حكم الفاسد كحكم الصحيح (قوله: بعد القبض) أي قبض المعقود عليه (قوله: كالبيع والقرض) أي كعقد البيع والقرض (قوله: ففاسده أولى) أي في اقتضاء الضمان، لأن الصحيح قد أذن فيه الشارع والمالك، والفاسد لم يأذن فيه الشارع، بل في التجرؤ عليه.
اه.
بجيرمي (قوله: أو عدمه) على الضمان: أي أو اقتضى عدمه.
(وقوله: كالمرهون والمستأجر والموهوب) الأولى أن يقول: كالرهن، والإجاة، والهبة، لأن الكلام في العقود، لا في المعقود عليه.
(وقوله: ففاسده كذلك) أي لا يقتضي الضمان، بل هو مساو له في عدم الضمان، قال سم على المنهج: ولم يقل أولى، لأن الفاسد ليس أولى بعدم الضمان، بل بالضمان.
اه.
ووجه ذلك: أن عدم الضمان تخفيف، وليس الفاسد أولى به، بل حقه أن يكون أولى بالضمان، لإشتماله على وضع اليد على مال الغير بلا حق، فكان أشبه بالغصب.
اه.
قال ع ش: واستثنى من الأول، أعني قوله في الضمان: ما لو قال قارضتك عى أن الربح كله لي، فهو قراض فاسد، فصحيحه يقتضي ضمان عمل العامل بالربح المشروط، وفاسده المذكور لا يقتضي شيئا.
وما لو قال: ساقيتك على أن الثمرة كلها لي فهو فاسد، ولا يستحق العامل شيئا، مع أنه في الصحيح: يستحق جزءا من الربح، فهذا صحيحه اقتضى الضمان، وفاسده لا يقتضيه، واستثنى من الثاني - أعني قوله وعدمه - الشركة، فإنه لا يضمن كل من الشريكين عمل الآخر، مع صحتها، ويضمنه مع فسادها.
وما لو رهن أو آجر نحو غاصب فتلفت العين في يد المرتهن أو المستأجر، فلمالك تضمينه، وإن كان القرار على الراهن أو المؤجر، مع أن صحيح الرهن والإجارة لا ضمان فيه.
قال في النهاية: وإلى هذه المسائل أشار الأصحاب بالأصل في قولهم الأصل أن فاسد كل عقد الخ.
وفي الحقيقة: لا يصح استثناء شئ من هذه القاعدة، لا طردا ولا عكسا، لأن المراد بالضمان: المقابل للأمانة بالنسبة للعين، لا بالنسبة لأجرة ولا غيرها.
فالرهن صحيحه أمانة، وفاسده كذلك، والإجارة مثله.
والبيع والعارية صحيحهما مضمون، وفاسدهما مضمون، فلا يرد: شئ.
اه.
(قوله: فرع: لو رهن شيئا إلخ) هذا من فروع القاعدة المذكورة، فالبيع والعارية من طردها، والرهن من عكسها.
وعبارة الروض وشرحه: فرع: لو رهنه أرضا وأذن له في غرسها بعد شهر، فهي قبل الشهر أمانة، بحكم الرهن، وبعده عارية مضمونة، بحكم العارية.
وكذا لو شرط كونها مبيعة
بعد شهر، فهي أمانة قبل الشهر - لما مر - ومبيعة مضمونة بعده، بحكم البيع، فإن غرس فيها المرتهن في الصورتين قبل الشهر: قلع مجانا، أو بعده: لم يقلع في الأولى ولا في هذه مجانا، لوقوعه بإذن المالك، وجهله المعلوم من قوله إلا أن علم فساد البيع وغرس فيقلع مجانا لتقصيره.
اه (قوله: وجعله مبيعا من المرتهن) أي للمرتهن أو عليه، فمن: بمعنى اللام، أو على.
(وقوله: أو عارية بعده) أي أو جعله عارية بعد شهر (قوله: بأن شرطا) أي البيع والعارية.
والباء للتصوير، وصورة ذلك أن يقول: رهنتك هذا بشرط أنه بعد شهر يكون مبيعا لك، أو عارية لك، فحينئذ يفسد الرهن لتأقيته، ويفسد البيع أو العارية لتعليقه، فهو قبل مضي الشهر: أمانة، لأنه مقبوض بحكم الرهن الفاسد.
وبعده: مضمون، بحكم الشراء الفاسد، أو العارية الفاسدة.
(وقوله: لم يضمنه) أي المرتهن إذا تلف.
(وقوله قبل مضي الشهر) أي لأنه أمين حينئذ - كما علمت - (قوله: وإن علم فساده) غاية في عدم ضمان المرتهن: أي لم يضمنه قبل مضي الشهر، وإن علم بفساد الرهن: أي العقد بذلك.
(وقوله: على المعتمد) لم يذكره في المنهاج وشرحيه - النهاية، والتحفة - ولا في المنهج وشرحه.
فانظره، فإنه يفيد أن خلاف المعتمد يضمنه: إذا علم الفساد (قوله: وضمنه بعده) أي ضمن المرتهن المرهون بعد مضي الشهر، وهذا محترز قوله قبل مضي الشهر (قوله: لأنه) أي الرهن، وهو علة للضمان