فقال الدائن: بل أحلتني، وقال المدين: أحلتك، فقال الدائن: بل وكلتني، (صدق منكر حوالة) بيمينه، فيصدق المدين في الاولى، والدائن في الاخيرة.
لان الاصل بقاء الحق في ذمة المستحق عليه.
(تتمة) يصح من مكلف رشيد: ضمان بدين واجب، سواء استقر في ذمة المضمون له: كنفقة اليوم وما
ــ
المشتري على البائع المحيل، لأنه قضى دينه بإذنه الذي تضمنته الحوالة (قوله: ولو اختلفا) أي بعد إذن مدين لدائنه في القبض.
(وقوله: أي الدائن والمدين) بيان لضمير التثنية.
(وقوله: في أنه) أي المدين، والجار والمجرور متعلق باختلفا، أي اختلفا في أن المدين وكل أو أحال؟ والمراد: اختلفا في اللفظ الصادر من المدين، هل هو لفظ الوكالة، أو الحوالة؟ (قوله: بأن قال المدين: وكلتك لتقبض لي) أي أو قال: أردت بقولي أحلتك الوكالة (قوله: فقال الدائن: بل أحلتني) أي أو أردت الحوالة (قوله: صدق منكر حوالة) جواب لو (قوله: فيصدق في المدين) أي بيمينه في أنه وكل، أو في أنه أراد الحوالة.
وبحلفه: تندفع الحوالة، وبإنكار الآخر الوكالة: ينعزل، فيمتنع قبضه، فإن كان قد قبض: برئ الدافع له، لأنه وكيل أو محتال، ويلزمه تسليم ما قبضه للحالف، وحقه عليه باق.
(قوله: والدائن) أي ويصدق الدائن: أي بيمينه.
(وقوله: في الأخيرة) أي فيما إذا ادعى الوكالة، والمدين الحوالة.
وبحلفه: تندفع الحوالة، ويأخذ حقه من المستحق عليه، ويرجع هذا على المحال عليه (قوله: لأن الأصل الخ) علة لتصديق منكر الحوالة.
(وقوله: المستحق عليه) هو، بفتح الحاء، المدين.
والله سبحانه وتعالى أعلم (قوله: تتمة) أي في بيان أحكام الضمان، وأحكام الصلح.
وقد ترجم الفقهاء لكل منهما بباب مستقل، وذكرهما بعد الحوالة، لأن كلا منهما يترتب عليه قطع النزاع، كالحوالة، والضمان لغة: الالتزام، وشرعا: يقال لالتزام دين أو بدن أو عين، ويقال للعقد الذي يحصل به ذلك.
ويسمى الملتزم لذلك: ضامنا، وضمينا، وحميلا، وزعيما، وكفيلا، وصبيرا.
قال الماوردي: لكن العرف خص الضمين: بالمال، أي
ومثله الضامن، والحميل: بالدية، والزعيم: بالمال العظيم، والكفيل: بالنفس، والصبير: يعم الكل: والأصل فيه: حديث العارية مؤداة، أي مردودة، والزعيم غارم، والدين مقضي وحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - تحمل عن رجل عشرة دنانير.
وأركانه خمسة: ضامن، ومضمون عنه، ومضمون له، ومضمون، وصيغة.
وهو مندوب لقادر واثق بنفسه، وإلا فمباح.
قال العلماء: الضمان أوله شهامة، أي شدة حماقة، وأوسطه ندامة، وآخره غرامة.
ولذلك قيل نظما: ضاد الضمان بصاد الصك ملتصق فإن ضمنت: فحاء الحبس فيالوسط ومن مستلطف كلامهم، ثلاثة أحرف شنيعة: ضاد الضمان، وطاء الطلاق، وواو الوديعة.
وقال بعضهم: عاشر ذوي الفضل واحذر عشرة السفل وعن عيوب صديقك كف وتغفل وصن لسانك إذا ما كنت في محفل ولا تشارك ولا تضمن ولاتكفل (قوله: يصح من مكلف رشيد) أي ولو حكما: ليدخل من بذر بعد رشده ولم يحجر عليه، ومن فسق، ومن سكر متعديا، فإن هؤلاء في حكم الرشيد، ولا بد أن يكون مختارا أيضا، فخرج الصبي، والمجنون، والسفيه، والمكره، ولو قنا أكرهه سيده، فلا يصح ضمانهم.
ولا بد، على الأصح، أن يعرف عين المضمون له، وهو رب الدين، لتفاوت الناس في المطالبة تشديدا وتسهيلا، فلا يكفي معرفته مجرد نسبه أو اسمه، وإنما كفت معرفة عينه، لأن الظاهر عنوان الباطن، وتقوم معرفة وكيله مقام معرفته عند م ر تبعا لوالده، وجرى ابن حجر، تبعا لشيخ الإسلام، على عدم الإكتفاء بذلك.
(قوله: ضمان بدين) أي ولو منفعة: كالعمل الملتزم الذمة بالإجارة، أو المساقاة.
وشمل الدين: الزكاة، فيصح ضمانها لمستحقين انحصروا.
اه.
بجيرمي.
(وقوله: واجب) أي ثابت، ولو باعتراف الضامن، وإن لم يثبت على المضمون عنه شئ.
كما صرح به الرافعي، بل الضمان متضمن، لاعترافه بوجود شرائطه، فيلزم الضامن المال الذي اعترف به.
ويشترط في الدين: أن يكون معلوم القدر، والجنس، والصفة.
وخرج بذلك: الديون المجهولة، فلا يصح ضمانها (قوله: سواء استقر) المراد من الإستقرار: اللزوم، وقيل المراد بالمستقر: الذي أمن من سقوطه.
(وقوله: في ذمة