بإحضار مكفول، شخصا كان أو عينا، إلى المكفول له، وإن لم يطالبه، وبحضوره عن جهة الكفيل بلا حائل: كمتغلب بالمكان الذي شرط في الكفالة الاحضار إليه، وإلا فحيث وقعت الكفالة فيه.
فإن غاب لزمه إحضاره، إن عرف محله، وأمن الطريق، وإلا فلا.
ولا يطالب كفيل بمال، وإن فات التسليم بموت أو غيره.
فلو شرط أنه
ــ
غير المضمونة، كالوديعة، والرهن، فلا تصح الكفالة بهما.
(قوله: وببدن الخ) معطوف على بعين: أي وتصح منه كفالة بإحضار بدن من يستحق حضوره في مجلس الحكم: أي لأجل حق الآدمي مطلقا، ما لا كان، أو عقوبة: كقصاص، وحد قذف، أو حق لله تعالى مالي: كزكاة، وكفارة.
بخلاف غيره.
كحدود الله تعالى، وتعازيره: كحد خمر، وزنا، وسرقة.
لأنا مأمورون بسترها، والسعي في إسقاطها ما أمكن.
(وقوله: بإذنه) متعلق بتصح، أو بكفالة المقدرين، أي إنما تصح كفالة بدن من ذكر: بإذنه، وإلا لفات مقصود الكفالة من إحضاره، لأنه لا يلزمه الحضور مع الكفيل من غير إذن، ويعتبر إذن المكفول بنفسه إن كان ممن يعتبر إذنه ولو سفيها وبوليه إن كان صبيا، أو مجنونا، أو وارثه إن كان ميتا، ليشهدوا على صورته، وكان الشاهد تحمل الشهادة عليه كذلك، ولم يعرف نسبه واسمه، فإن عرفهما: لم يحتج إليها.
ومحل ذلك قبل إدلائه في هواء القبر، وإلا فلا تصح الكفالة، لأن في إخراجه بعد ذلك إزراء به.
وعلم تقرر أن من مات، ولم يأذن في كفالته، ولا وارث له، لا تصح كفالته.
(قوله: ويبرأ الكفيل بإحضار مكفول) من إضافة المصدر إلى مفعوله بعد حذف الفاعل: أي ويبرأ الكفيل بإحضاره بنفسه أو وكيله المكفول، وإن لم يقل عن الكفالة.
وكما يبرأ بذلك: يبرأ بإبراء المكفول له.
(وقوله: شخصا كان) أي المكفول، أو عينا: فهو تعميم في المكفول.
(وقوله: إلى المكفول له) متعلق بإحضار، أي أو وارثه.
(وقوله: وإن لم يطالبه) الضمير المستتر يعود على المكفول له، والبارز يعود على الكفيل.
(قوله: وبحضوره) أي المكفول.
وهو معطوف على بإحضار: أي ويبرأ الكفيل بحضور المكفول.
والمراد به هنا خصوص البدن، إذ لا يتصور حضور العين بنفسها إلا إن كانت حيوانا.
ويشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا، فلا يكفي
حضور الصبي والمجنون.
(وقوله: عن جهة الكفيل) أي مع إتيانه بلفظ يدل عليه، وذلك بأن يقول: حضرت أو سلمت نفسي عن جهة الكفيل: فلا يكفي مجرد حضوره من غير أن يقول ما تقدم، كما في التحفة، ونصها: وظاهر كلامهم اشتراط اللفظ هنا، أي فيما إذا حضر بنفسه، لا فيما قبله، أي فيما إذا حضره الكفيل.
ويفرق بأن مجئ هذا وحده: لا قرينة فيه، فاشترط لفظ يدل، بخلاف مجئ الكفيل به، فلا يحتاج إلى لفظ.
ونظيره أن التخلية في القبض: لا بد فيها من لفظ يدل عليها، بخلاف الوضع بين يدي المشتري، كما مر، نعم: إن أحضره بغير محل التسليم، فلا بد من لفظ يدل على قبوله له حينئذ، فيما يظهر، اه.
(قوله: بلا حائل) متعلق بكل من إحضار وحضور: أي يشترط لبراءة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره بنفسه: أن لا يكون هناك حائل بينه وبين المكفول له، فإن كان هناك حائل، كمتغلب يمنعه من تسلمه، فلا يبرأ، لعدم حصول المقصود.
قال في التحفة: نعم، إن قبل مختارا: برئ.
اه.
فقوله كمتغلب: أي ظالم، تمثيل للحائل (قوله: بالمكان) متعلق أيضا بكل من إحضار وحضور: أي ويبرأ الكفيل بإحضاره المكفول، أو حضوره بنفسه إلى المكان المذكور.
فإن أحضره، أو حضر بنفسه في غيره: لم يلزم المستحق القبول، إن كان له غرض في الإمتناع، وإلا فالظاهر، كما قاله الشيخان، لزوم القبول، فإن امتنع: رفعه إلى الحاكم يقبض عنه، فإن فقد: أشهد شاهدين أنه سلمه (قوله: وإلا فحيث وقعت الكفالة فيه) أي وإن لم يشترط مكان: فيعتبر المكان الذي وقعت الكفالة فيه، لكن إن صلح فإن خرج عن الصلاحية: تعين أقرب مكان صالح على ما هو قياس السلم أفاده سم.
(قوله: فإن غاب) أي المكفول من بدن أو عين.
(وقوله: لزمه) أي الكفيل إحضاره أو ولو من دار الحرب، ومن فوق مسافة القصر، ولو في بحر غلبت السلامة فيه، فيما يظهر، وما يغرمه الكفيل من مؤنة السفر في هذه الحالة: في مال نفسه ولو كان المكفول ببدنه يحتاج لمؤن السفر ولا شئ معه: اتجه أن يأتي فيه ما لو كان المكفول محبوسا بحق.
وقد ذكر صاحب البيان، وغيره، فيه: أنه، أي الكفيل، يلزمه قضاؤه، أي الدين، أي فيقال هنا يلزمه مؤن السفر، ثم إنه يمهل مدة ذهاب وإياب عادة، فإن مضت المدة المذكورة ولم يحضره: حبس ما لم يؤد الدين لأنه مقصر.
(وقوله: إن عرف محله وأمن