فأشبهت العبادة.
ومثلها: النذر، وتعليق العتق والطلاق بصفة، ولا في الشهادة، إلحاقا لها بالعبادة، والشهادة على الشهادة ليست توكيلا، بل الحاجة جعلت الشاهد المتحمل عنه، كحاكم أدى عنه عند حاكم آخر، (و) لا في (عبادة)، إلا في حج، وعمرة، وذبح نحو أضحية، ولا تصح الوكالة إلا (بإيجاب) وهو ما يشعر برضا الموكل الذي يصح مباشرته الموكل فيه في التصرف: (كوكلتك) في كذا، أو فوضت إليك، أو أنبتك، أو أقمتك مقامي فيه، (أو بع) كذا، أو زوج فلانة، أو طلقها، أو أعطيت بيدك طلاقها وأعتق فلانا.
قال السبكي: يوءخذ من
ــ
باليمين، وهو علة لعدم صحة الوكالة في اليمين (قوله: فأشبهت العبادة) أي فأشبهت اليمين العبادة: أي في كون القصد تعظيم الله تعالى (قوله: ومثلها النذر إلخ) أي ومثل اليمين في عدم صحة الوكالة، النذر، وتعليق العتق، والطلاق بصفة، فلا يصح أن يقول وكلتك في أن تنذر عني، أو تعلق عتق عبدي، أو طلاق زوجتي بصفة، إلحاقا لها باليمين.
ونقل المتولي في التعليق أوجها: ثالثها إنه إن كان التعليق بقطعي، كطلوع الشمس، صح، وإلا فلا، فإنه يمين، لأنه حينئذ يتعلق به حث أو منع أو تحقق خبر، واختاره السبكي، أفاده في شرح الروض (قوله: ولا في شهادة) أي ولا يصح التوكيل فيها، (وقوله: إلحاقا لها بالعبادة) أي إلحاقا للشهادة بالعبادة.
وانظر وجه الإلحاق.
وعبارة المغني: لأنا احتطنا، ولم نقم غير لفظها مقامها، فألحقت بالعبادة، ولأن الحكم فيها منوط بالشاهد، وهو غير حاصل للوكيل.
اه.
(قوله: والشهادة على الشهادة الخ) هذا جواب عما يقال: كيف لا يصح التوكيل بالشهادة، مع أن الشهادة على الشهادة جائزة بالاتفاق.
وحاصل الجواب أنها ليست توكيلا، بل هي تحمل عن الشاهد.
وعبارة المغني: فإن قيل: الشهادة على الشهادة باسترعاء ونحوه جائزة كما سيأتي، فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن ذلك ليس توكيلا، كما صرح به القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، بل شهادة على شهادة، لأن الحاجة الخ.
اه.
وقوله باسترعاء أي طلب من الشاهد، بأن يقول له أنا شاهد بكذا، وأشهدك، أو اشهد على شهادتي به.
وقوله ونحوه: أي نحو الاسترعاء، كالسماع، بأن يسمعه يشهد عند حاكم إلى آخر ما سيأتي في باب الشهادة
(قوله: المتحمل عنه.) أي المؤدي عنه، وهو بصيغة اسم المفعول، (وقوله: كحاكم أدى عنه) أي جعلته بمنزلة حاكم أدى عنه حكمه عند حاكم آخر، بأن حكم حاكم على غائب، وأنهى حكمه إلى حاكم بلد الغائب، فهذا الذي أدى حكم الحاكم عند الحاكم الآخر، ليس بوكيل عنه، وإنما هو مؤد، ورسول، وكذلك المتحمل للشهادة: ليس بوكيل، وإنما هو مؤد لشهادة الشاهد (قوله: ولا في عبادة) أي لا يصح التوكيل فيها، وإن لم تتوقف على نية.
وذلك لأن مباشرها: مقصود بعينه، اختيارا من الله تعالى، ولا فرق بين أن تكون العبادة فرضا أو نفلا، كصلاة، وصوم، واعتكاف، فليس له أن يترك الصلاة ويوكل غيره ليصلي عنه، أو يصلي منفردا ويوكل غيره ليصليها جماعة له، ويكون ثوابها له.
وكذا البقية.
أما القيام بالوظائف، كمن
عليه إمامة مسجد، أو تدريس، فينيب غيره، حيث كان النائب مثله، أو أكمل منه، أفاده الشرقاوي (قوله: إلا في حج وعمرة) أي فيصح التوكل فيهما، ولا بد أن يكون الموكل معضوبا أو وصيا عن ميت، ويندرج فيهما، توابعهما، كركعة الطواف، فيصح التوكيل فيهما، تبعا لهما، بخلاف ما لو أفردهما بالتوكيل: فلا يصح.
والحاصل أن العبادة على ثلاثة أقسام: إما أن تكون بدنية محضة، فيمتنع التوكيل فيها، إلا ركعتي الطواف تبعا.
وإما أن تكون مالية محضة، فيجوز التوكيل فيها مطلقا، وإما أن تكون مالية غير محضة، كنسك، فيجوز التوكيل فيها بالشرط المار (قوله: وذبح نحو أضحية) أي فله أن يوكل في ذلك.
وهناك أشياء أخر مستثناة يجوز التوكيل فيها، فلتراجع (قوله: لا تصح الوكالة إلخ) شروع في بيان الصيغة (قوله: وهو ما يشعر الخ) أي الإيجاب لفظ يشعر الخ.
ومثل اللفظ: كتابة، أو إشارة أخرس مفهمة، (وقوله: الذي يصح مباشرته الموكل فيه) هذا شرط للموكل، كما تقدم، (وقوله: في التصرف) متعلق برضا، أي يشعر برضا الموكل في تصرف الوكيل في الموكل فيه (قوله: قال السبكي إلخ) عبارة التحفة قبل ذلك: وخرج بكاف الخطاب، ومثلها وكلت فلانا، ما لو قال وكلت كل من أراد بيع داري مثلا، فلا يصح، ولا ينفذ