وحب جاف، ودهن، وسمن (بمثله) في أي مكان حل به المثلي، فإن فقد المثل، فيضمن بأقصى قيم من غصب إلى فقد.
ولو تلف المثلي: فله مطالبته بمثله في غير المكان الذي حل به المثلي، إن لم يكن لنقله مؤنة، وأمن الطريق وإلا فبأقصى قيم المكان.
ويضمن متقوم أتلف، كالمنافع والحيوان، بالقيمة.
ويجوز أخذ القيمة
ــ
متقوم وإن وجب رد مثله، فهو جواب بالمنع (قوله: كقطن) أي وإن لم ينزع حبه، وهو تمثيل لما حصره وزن.
(وقوله: ودقيق وماء) مثالان لما حصره كيل وما حصره وزن، لأن كلا منهما يقدر بكيل وبوزن قال البجيرمي: ولا فرق في الماء بين أن يكون عذبا أو ملحا مغلي، أو لا، على المعتمد هنا وفي الربا، ومن المثلي: الخلول مطلقا سواء كان فيها ماء أم لا، على المعتمد، خلافا لمن قيدها بالتي لا ماء فيها، لأن الماء من ضرورياتها، ومثلها سائر المائعات، سواء أغليت أم لا، على المعتمد أيضا.
ع ش.
بنوع تصرف.
(وقوله: على المعتمد) أي عند م ر والخطيب، والذي جرى عليه شيخ الإسلام وابن حجر، أن الماء المغلي متقوم وليس بمثلي (قوله: ومسك) مثال لما حصره وزن فقط وذلك لأن ليسيره
المختلف بالكيل والوزن، مالية كثيرة، ومثل المسك، ما بعده من النحاس، والدراهم، والدنانير: فإنها لما حصره الوزن.
وأما التمر وما بعده، إلى آخر الأمثلة، فهي تقدر بالكيل وبالوزن، فتكون أمثلة لما حصره كيل، ولما حصره وزن (قوله: ولو مغشوشا) أي ولو كان كل من الدراهم والدنانير مغشوشا: أي أو مكسرا (قوله: وحب جاف) هكذا قيد به في شرح الروض، ولم تقيد به في التحفة، وفي فتح الجواد، وحب صاف، بالصاد المهملة، واحترز به عن المختلط بالشعير، فإنه متقوم، وإن وجب رد مثله، كما مر (قوله: بمثله) متعلق بيضمن، أي يضمن مثلي تلف بمثله، وذلك لآية * (فمن اعتدى عليكم) * (١) ولأنه أقرب إلى التالف، ولأن المثل، كالنص، لأنه محسوس، والقيمة: كالإجتهاد، ولا نظر إلى الإجتهاد إلا عند فقد النص، ويشترط لضمانه بالمثل، شروط خمسة.
الأول: أن يكون له قيمة في محل المطالبة، فلو فقدت قيمته فيه كأن أتلف ماء بمفازة، ثم اجتمع بمحل لا قيمة للماء فيه أصلا.
لزمه قيمته بمحل الإتلاف، الثاني: أن لا يكون لنقله من محل المطالبة إلى محل الغصب مؤنة، فإن كان لنقله من ذلك، غرمه قيمته بمحل التلف، الثالث: أن لا يتراضيا على القيمة، الرابع: أن لا يصير المثلي متقوما أو مثليا آخر.
والأول، كجعل الدقيق خبزا، والثاني، كجعل السمسم شيرجا، فإن صار كذلك، فإن كان الذي صار إليه المثلي أكثر قيمة، فيضمن بقيمته في الأولى، ويتخير المالك بمطالبته بأي المثلين في الثانية، وإن لم يكن كذلك، ضمن المثل فيهما مطلقا سواء ساوت قيمته الآخر، أو زادت عليه.
الخامس: وجود المثل، فإن فقد، عدل عنه إلى القيمة.
وقوله في أي مكان حل به المثلي، متعلق بيضمن أيضا، والمراد بالضمان، المطالبة، أي يطالب بمثله في أي مكان نقل الغاصب المغصوب المثلي إليه (قوله: فإن فقد المثل) أي حسا أو شرعا: كأن لم يوجد بمكان الغصب ولا حواليه، أو وجد بأكثر من ثمن مثله (قوله: فيضمن بأقصى قيم) أي قيم المكان الذي حل به المثلي.
(وقوله: من غصب إلى فقد) أي من حين غصب إلى حين فقد للمثل.
وفي التحفة ما نصه: هل المعتبر قيمة المثل أو المغصوب؟ وجهان، رجح السبكي وغيره، الأول، قالوا: لأنه الواجب، وإن كان المغصوب هو الأصل الخ.
اه.
وفي البجيرمي، بعد كلام، وإنما قلنا المضمون هو المثل لا المثلي، لئلا يلزم تقويم التالف، فلو غصب زيتا في رمضان فتلف في شوال، وفقد مثله في المحرم، طولب بأقصى قيمة المثل من رمضان إلى المحرم، فإن كانت قيمته في الحجة أكثر، اعتبرت.
اه.
(قوله: ولو تلف المثلي الخ) صنيعه يقتضي أن المثلي في قوله ويضمن مثلي بمثله الخ لم يكن قد تلف، وأن القيدين الآتيين، أعني قوله إن لم يكن لنقله مؤنة، (وقوله: وأمن الطريق) ليسا راجعين إليه، وليس كذلك، فكان الأولى والأخصر أن يحذف قوله ولو تلف المثلي، ويقول وله مطالبته به
في غير المكان الذي حل به المثلي.
والمعنى أنه يضمن المثلي بمثله، أي يطالب بمثله في أي مكان حل به المثلي، وله أن يطالب بمثله في غير المكان المذكور، ويكون القيدان راجعين لقوله ويضمن الخ، ولقوله وله أن يطالب الخ، أي
(١) سورة البقرة، الاية: ١٩٤.