به فقراءهم فإن لم يعرف أرباب الوقف أو عرف ولم يكن له أقارب فقراء بل كانوا أغنياء - وهم من حرمت عليه الزكاة - صرفه الامام في مصالح المسلمين.
وقال جمع يصرف إلى الفقراء والمساكين: أي ببلد الموقوف.
ولا يبطل الوقف على كل حال بل يكون مستمرا عليه إلا فيما لم يذكر المصرف كوقفت هذا وإن قال لله، لان الوقف يقتضي تمليك المنافع، فإذا لم يعين متملكا بطل.
وإنما صح أوصيت بثلثي وصرف للمساكين، لان غالب الوصايا لهم، فحمل الاطلاق عليهم، وإلا في منقطع الاول: كوقفته على من يقرأ على قبري بعد موتي، أو
ــ
أفضل منها على الثاني.
(وقوله: أفقرهم) أي أشدهم فقرا واحتياجا.
(قوله: ومن ثم الخ) أي ومن أجل أنه إنما يصرف على الأقرباء لكون الصدقة عليهم أفضل يجب اختصاص الوقف بالفقير منهم لأن الصدقة غالبا إنما تكون له (قوله: فإن لم يعرف أرباب الوقف) أي جهل أهله المستحقون لريعه وصريح عبارته، أنه في هذه الحالة يصرف لمصالح المسلمين.
وصريح التحفة والنهاية وشرح الروض والمنهج، أنه يصرف للأقرب إلى الواقف كما إذا انقرضوا.
وعبارة المنهاج مع التحفة، فإذا انقرض المذكور، ومثله ما لو لم تعرف أرباب الوقف، فالأظهر أنه يبقى وقفا، وأن مصرفه أقرب الناس رحما.
اه.
(وقوله: أو عرف) الصواب: عرفوا، بواو الجمع لأن المرجع جمع وهو أرباب ومقاد هذا أن أرباب
الوقف إذا عرفوا ولم يكن له أقارب فقراء يصرف للمصالح.
وفيه نظر، لأنهم حينئذ هم المستحقون له مطلقا.
وعبارة التحفة ولو فقدت أقاربه أو كانوا كلهم أغنياء على المنقول صرفه الإمام في مصالح المسلمين الخ اه.
وهي ظاهرة.
ولو قال، فإن لم يكن له أقارب فقراء بل كانوا أغنياء صرفه الإمام في مصالح المسلمين لكان أولى وأخصر (قوله: وهم) أي الأغنياء، (وقوله: من حرمت عليه الزكاة) والغني في باب الزكاة هو من عنده مال يكفيه العمر الغالب أو كسب يليق به (قوله: صرفه الإمام الخ) جواب فإن.
(وقوله: في مصالح المسلمين) أي كسد الثغور وعمارة الحصون وأرزاق القضاة والعلماء والأئمة والمؤذنين (قوله: وقال جمع الخ) مقابل قوله فمصرفه الأقرب رحما إلى الواقف، فهو مرتبط بالمتن.
وعبارة المنهاج، والأظهر أنه يبقى وقفا وأن مصرفه الأقرب.
اه.
وقال في المغني، والثاني: أي مقابل الأظهر، يصرف إلى الفقراء والمساكين لأن الوقف يؤول إليهم في الإنتهاء (قوله: أي ببلد الموقوف) أي أن المراد بالفقراء والمساكين من كانوا ببلد الموقوف، ومثله في شرح الروض وعبارته، وقياس اعتبار بلد المال في الزكاة اعتبار بلد الوقف حتى يختص بفقرائه ومساكينه.
قاله الزركشي.
اه.
وفي الأنوار خلافه، وهو أنه لا يختص بفقراء بلد الموقوف، بخلاف الزكاة، كذا النهاية.
(قوله: ولا يبطل الوقف على كل حال) أي سواء قلنا إن مصرفه الأقرب رحما أو الفقراء والمساكين (قوله: بل يكون مستمرا عليه) يقرأ مستمرا بصيغة اسم المفعول وعليه نائب فاعله والضمير المستتر في يكون وفيه عليه يعود على الوقف، أي بل يكون الوقف مجري عليه دائما (قوله: إلا فيما لم يذكر المصرف) أي إلا في حالة عدم ذكر المصرف رأسا فيبطل.
فما مصدرية وما بعدها مؤول بالمصدر والإستثناء منقطع، إذ الكلام الذي قبل الإستثناء مخصوص بمنقطع الآخر، وهذا ليس كذلك، ويحتمل جعل الإستثناء متصلا لكن يجعل المراد بقوله السابق في كل حال منقطع الأول ومنقطع الوسط ومنقطع الآخر، وما لم يذكر المصرف رأسا فيكون المستثنى منه شاملا للمستثنى ثم أخرج المستثنى عنه بأداة الإستثناء لكن عليه لا يلائم قوله ولا يبطل الوقف إلى آخر ما قبله، فيصير مستأنفا (قوله: وإنما صح أوصيت بثلثي) أي مع عدم ذكر الموصى له، وهذا جواب عن سؤال وارد على بطلان الوقف حين عدم الموقوف عليه، وحاصله أنه كيف يبطل الوقف حينئذ مع أن الوصية تصح بدون ذكر الموصى له؟ فهلا كان الوقف كذلك؟ وحاصل الجواب أنه فرق بينهما: لأن غالب الوصايا للمساكين، فحمل الإطلاق عليه، بخلاف الوقف (قوله: لأن غالب الخ) أي ولبناء الوصية على المساهلة لصحتها حتى بالمجهول والنجس، بخلاف الوصف فيهما (قوله: فحمل الإطلاق) أي فحملت الوصية حال إطلاقها: أي عن ذكر الموصى له.
(وقوله: عليهم) أي على المساكين (قوله: وإلا في منقطع الأول) أي وإلا في حالة عدم ذكر