للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده خلاف (١).

[٣ - خروج ابن الأشعث على الحجاج:]

قدر الله ـأن تمرّد على الحجاج أحد قوَّاده، وهو عبد الرحمن بن الأشعث، فقد سيّر الحجاج قائده ابن الأشعث بجيش ليغزو رتبيل ملك الترك في بلاده ما وراء سجستان، وكان ابن الأشعث معروفاً بشجاعته، وبسالته، وقوّته، وبالفعل تمّ له – بفضل الله – فتح هذه البلاد والنصر على رتبيل، فأرسل ابن الأشعث خُمس الغنائم إلى الحجاج، ليودعها في بيت مال المسلمين، واستأذنه في التوقف عن القتال ريثما يتبين له أمر تلك البلاد، ويقف على معالمها ومداخلها ومخارجها حتى لا يعرّض جيشه لصعوبات ومواقف حرجة، قد تؤدي به في النهاية إلى الهزيمة والهلَكة، فاستشاط الحجاج غيظاً، واعتبر ذلك منه تمرداً على أوامره، أو خنوعاً، وخوفاً وجبناً، وكتب الحجاج لابن الأشعث كتاباً يهدده، وينذره، ويلوح عليه باللائمة والنقمة، فغضب لذلك ابن الأشعث، وانتهزها فرصة، خاصة وأن الجيش ناقم على الحجاج، غير راض عنه وعن حكومته، ولا عن سياسته. فاستشارهم ابن الأشعث فيما يفعل بعد أن أطلعهم على الكتاب، فصادف ميلاً في قلوبهم، وحانت الفرصة التي يتخلّصون من حكمه، وبطشه، وجبروته، فدعوا ابن الأشعث إلى الخروج عليه، ولما استوثق ابن الأشعث من رغبتهم هذه، أخذ منهم البيعة على ذلك، فبايعه الجند على قتال الحجاج، ودارت بينهما معارك طاحنة، كان النصر فيها حليفاً لابن الأشعث، فاستولى على


(١) سير أعلام التابعين، ص٥٥، ٥٦، وانظر: سير أعلام النبلاء، ٤/ ٢١٧ - ٢٤٦، برقم ٨٨، والطبقات الكبرى، ٥/ ٨٩ - ١٠٩، برقم ٦٨٣، وتهذيب الكمال، ١١/ ٦٦ - ٧٥، برقم ٢٣٥٨.

<<  <   >  >>