للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ينقلهم إلى أن من نهى عن ذلك فقد تَنَقَّصَ أهل هذه الرتب العالية من الأنبياء والصالحين، وعند ذلك يغضبون (١).

ولهذا حذّر الله عباده من الغلوّ في الدين، والإفراط بالتعظيم بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ورفْع المخلوق عن منزلته التي أنزله الله تعالى، كما قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (٢).

ثانياً: الإفراط في المدح والتجاوز فيه، والغلو في الدين: حذّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإطراء في المدح فقال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله)) (٣)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والغلوّ في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين)) (٤).

ثالثاً: بناء المساجد على القبور، وتصوير الصُّوَر فيها: حذَّر - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ المساجد على القبور، وعن اتخاذها مساجد؛ لأن عبادة الله عند قبور الصالحين وسيلة إلى عبادتهم؛ ولهذا لَمَّا ذكرت أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنيسة في الحبشة فيها تصاوير قال: ((إن أولئكِ إذا كان فيهم


(١)) انظر: تفسير الطبري، ٢٩/ ٦٢، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص٢٤٦.
(٢)) سورة النساء، الآية: ١٧١.
(٣)) البخاري مع الفتح بلفظه، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ .. }،
٦/ ٤٧٨، ١٢/ ١٤٤، وانظر: شرحه في الفتح، ١٢/ ١٤٩.
(٤)) النسائي، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، ٥/ ٢٦٠، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، ٢/ ١٠٠٨، وأحمد، ١/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>