ويختلف نظام الحكم الإسلامي عن أنظمة الحكم الملكية، فما يورث الحكم والسلطان في الإسلام، وإنما يترك للجماعة أن تختار للحكم من تراه أصلح الناس له وأقدرهم عليه وحسبنا دليلاً على ذلك أن النبي لقي ربه فما تولى الحكم بعده أحد من أهله وإنما خلفه أبو بكر، فلما توفي لم يخلفه أحد من أهله وإنما خلفه عمر، فلما قتل خلفه عثمان وهو من غير أهله، فلما قتل خلفه عَلِيٌّ وما كان من أهل عثمان.
وأخيرًا فان كل من يحاول الادعاء بأن نظام الحكم الإسلامي يماثل نظامًا معينًا من أنظمة الحكم التي عرفها العالم قديمًا وحديثًا فإنما يتكل ويدعي ما لا يعلم ويبعد عن الحق، فالنظام الإسلامي نظام فريد في نوعه أوجده الإسلام ولم يحاول أحد أن يقلد المسلمين فيه، بل إن المسلمين أنفسهم لم يطبقوا النظام الإسلامي بعد وفاة النبي إلا في عهد الخلفاء الراشدين، ثم حولت الأهواء هذا النظام الإلهي إلى ملك عضوض لا يتورع أن يعطل أحكام الإسلام، ويحل حرمات الله ليمكن للأطفال والفساق والظلمة من رقاب المسلمين.